معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} (85)

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} (85)

{ 85 } { وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

أي : لا تغتر بما أعطاهم اللّه في الدنيا من الأموال والأولاد ، فليس ذلك لكرامتهم عليه ، وإنما ذلك إهانة منه لهم . { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا } فيتعبون في تحصيلها ، ويخافون من زوالها ، ولا يتهنئون بها .

بل لا يزالون يعانون الشدائد والمشاق فيها ، وتلهيهم عن اللّه والدار الآخرة ، حتى ينتقلوا من الدنيا { وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } قد سلبهم حبها عن كل شيء ، فماتوا وقلوبهم بها متعلقة ، وأفئدتهم عليها متحرقة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} (85)

ثم نهى الله - تعالى - كل من يصلح للخطاب عن الاغترار بما عند هؤلاء المنافقين من مال وولد ، فقال - تعالى - : { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ . . . . } .

أى : عليك - أيها العاقل - أن لا تغتر بما عند هؤلاء المنافقين من أموال وأولاد ، وأن لا يداخل قلبك شئ من الإِعجاب بما بين أيديهم من نعم ، فإن هذه النعم - التي من أعظمها الأموال والأولاد - إنما أعطاهم الله إياها ، ليعذبهم بسببها في الدنيا عن طريق التعب في تحصيلها ، والحزن عند فقدها وهلاكها .

وقوله : { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } بيان لسوء مصيرهم في الآخرة ، بعد بيان عذابهم في الدنيا ، وزهوق النفس : خروجها من الجسد بمشقة وتعب .

أى : أنهم في الدنيا تكون النعم التي بين أيديهم ، مصدر عذاب لهم ، وأما في الآخرة فعذابهم أشد وأبقى ، لأن أرواحهم قد خرجت من أبدانهم وهم مصرون على الكفر والضلال .

فأنت ترى أن الآية الكريمة قد توعدت هؤلاء المنافقين بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة ، ومن كان مصيره كهذا المصير ، لا يستحق الإِعجاب أو التكريم وإنما يستحق الاحتقار والإِهمال .

وهذه الآية الكريمة ، قد سبقتها في السورة نفسها آية أخرى شبيهة بها . وهى قوله - تعالى - : { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } .

وقد أشار صاحب الكشاف إلى سر هذا التكرار فقال : " وقد أعيد قوله { وَلاَ تُعْجِبْكَ } ؛ لأن تجدد النزول له شأنه في تقرير ما نزل له وتأكيده ، وإرادة أن يكون على بال من المخاطب لا ينساه ولا يسهو عنه ، وأن يعقتد أن العمل به مهم يفتقر إلى فضل عناية به ، لا سيما إذا تراخى ما بين النزولين ، فأشبه الشئ الذي أهم صاحبه ، فهو يرجع إليه في أثناء حديثه ، ويتخلص إليه ، وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يجب أن يحذر منه " .