غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} (85)

80

أما قوله { ولا تعجبك أموالهم وأولادهم } فقد سبق مثله في هذه السورة بتفاوت ألفاظ فوجب علينا أن نذكر سبب التفاوت ، ثم فائدة التكرار فنقول والله تعالى أعلم بمراده : إنما ذكر النهي هاهنا بالواو وهناك بالفاء لأنه لا تعلق له هاهنا بما قبله وهو موتهم على حالة الفسق خلاف ما هنالك . وإنما قال هاهنا { وأولادهم } بدون «لا » لأن المراد هنالك الترقي من الأدون إلى الأعلى وهو أن إعجاب أولئك الأقوام بأولادهم فوق إعجابهم بأموالهم كقولك : لا يعجبني أمر النائب ولا أمر المنوب . وهاهنا أراد المعية فقط إما اكتفاء بما سبق هناك ، وإما لأن هؤلاء أقوام آخرون لم يكن عندهم تفاوت بين الأمرين . وقيل : إنه هناك لما علق الثاني بالأول تعليق الجزاء بالشرط أكد معنى النهي بتكرار «لا » ، وإنما قال هاهنا { إن يعذبهم } لأنه إخبار عن قوم ماتوا على الكفر فتعلق الإرادة بما هم فيه وهو العذاب . وأما في الآية المتقدمة فالمفعول محذوف وقد مر . وقيل : الفائدة فيه التنبيه على أن التعليل في أحكام الله محال وأنه أينما ورد حرف التعليل فمعناه «أن » ، وإنما حذف الحياة هاهنا اكتفاء بما ذكر هنالك وقيل تنبيهاً على أن الحياة الدنيا لا تستحق أن تسمى حياة لخستها . وأما فائدة التكرير فهي المبالغة في التحذير من الأموال والأولاد لأنها جذابه للقلوب فتحتاج إلى صارف قوي ، ويحتمل أن تكون الأولى في قوم والثانية في آخرين . وقيل : الثانية في اليهود والأولى في المنافقين .

/خ89