روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} (85)

{ وَلاَ تُعْجِبْكَ أموالهم وأولادهم إِنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُعَذّبَهُمْ بِهَا فِى الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كافرون } تأكيد لما تقدم من نظيره والأمر حقيق بذلك لعموم البلوى بمحبة ما ذكر والاعجاب به ، وقال الفارسي : إن ما تقدم في قوم وهذا في آخرين فلا تأكيد ، وجيء بالواو هنا لمناسبة عطف نهى على نهي قبله أعنى قوله سبحانه : { وَلاَ تُصَلّ } [ التوبة : 84 ] الخ ، وبالفاء هناك لمناسبة التعقيب لقوله تعالى : قبل { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارهون } [ التوبة : 54 ] فإن حاصله لا ينفقون إلا وهم كارهون للانفاق فهم معجبون بكثرة الأموال والأولاد فنهى عن الإعجاب المتعقب له .

/ وقيل : هنا { وأولادهم } دون لا لأنه نهى عن الإعجاب بهما مجتمعين وهناك بزيادة لا لأنه نهى عن كل واحد واحد فدل مجموع الآيتين على النهي عن الاعجاب بهما مجتمعين ومنفردين وهنا { أَن يُعَذّبَهُمْ } وهناك { لِيُعَذّبَهُمْ } [ التوبة : 55 ] للإشارة إلى أن إرادة شيء لشيء راجعة إلى إرادة ذلك الشيء بناء على أن متعلق الإرادة هناك الإعطاء واللام للتعليل أي إنما يريد إعطاءهم للتعذيب ، وأما إذا قلنا : إن اللام فيما تقدم زائدة فالتغاير يحتمل أن يكون لأن التأكيد هناك لتقدم ما يصلح سبباً للتعذيب بالأموال أوقع منه هنا لعدم تقدم ذلك وجاء هناك { فِى الحياة الدنيا } وهنا { فِى الدنيا } تنبيهاً على أن حياتهم كلا حياة فيها ويشير ذلك هنا إلى أنهم بمنزلة الأموات .

وبين ابن الخازن سر تغاير النظمين الكريمين بما لا يخفى ما فيه ، وتقديم الأموال على الأولاد مع أنهم أعز منها لعموم مساس الحاحة إليها دون الأولاد ، وقيل : لأنها أقدم في الوجود منهم .