قوله تعالى : { إلا على أزواجهم } أي : من أزواجهم ، و ( ( على ) ) بمعنى من . { أو ما ملكت أيمانهم } ( ما ) في محل الخفض ، يعني أو مما ملكت أيمانهم ، والآية في الرجال خاصة بدليل قوله : { أو ما ملكت أيمانهم } والمرأة لا يجوز أن تستمتع بفرج مملوكها . { فإنهم غير ملومين } يعني يحفظ فرجه إلا من امرأته أو أمته فإنه لا يلام على ذلك ، وإنما لا يلام فيهما إذا كان على وجه أذن فيه الشرع دون الإتيان في غير المأتي ، وفي حال الحيض والنفاس ، فإنه محظور وهو على فعله ملوم .
ثم بين - سبحانه - الصفة الرابعة من صفاتهم فقال : { والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } .
أى : أن من صفات هؤلاء المؤمنين - أيضاً - أنهم أعفاء ممسكون لشهواتهم لا يستعملونها إلا مع زوجاتهم التى أحلها الله - تعالى - لهم ، أو مع ما ملكت أيمانهم من الإماء والسرارى ، وذلك لأن من شأن الأمة المؤمنة إيماناً حقاً ، أن تصان فيها الأعراض ، وأن يحافظ فيها على الأنساب ، وأن توضع فيها الشهوات فى مواضعها التى شرعها الله - تعالى - وأن يغض فيها الرجال أبصارهم والنساء أبصارهن عن كل ما هو قبيح .
وما وجدت أمة انتشرت فيها الفاحشة ، كالزنا واللواط وما يشبههما ، إلا وكان أمرها فرطاً ، وعاقبتها خسرا ، إذ فاحشة الزنا تؤدى إلى ضياع الأنساب ، وانتشار الأمراض ، وفساد النفوس من كل قيمة خلقية مقبولة .
وفاحشة اللواط وما يشبهها تؤدى إلى شيوع الفاحشة فى الأمة ، وإلى تحول من يأتى تلك الفاحشة من أفرادها إلى مخلوقات منكوسة ، تؤثر الرذيلة على الفضيلة .
وجملة : { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } تعليل للاستثناء .
أى : هم حافظون لفروجهم ، فلا يستعملون شهواتهم إلا مع أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ، فإنهم غير مؤاخذين على ذلك ، لأن معاشرة الأزواج أو ما ملكت الأيمان ، مما أحله الله تعالى .
الاستثناء في قوله : { إلاّ على أزواجهم } الخ استثناء من عموم متعلَّقات الحفظ التي دلّ عليها حرف { على } ، أي حافظونها على كل ما يُحفظ عليه إلاّ المتعلَّق الذي هو أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ، فضمن { حافظون } معنى عدم البذل ، يقال : احفظ علي عنان فرسي كما يقال : أمسكْ عليّ كما في آية { أمسِكْ عَلَيْكَ زَوجك } [ الأحزاب : 37 ] . والمراد حِل الصنفين من بين بقية أصناف النساء . وهذا مجمل تبينه تفاصيل الأحكام في عدد الزوجات وما يحل منهن بمفرده أو الجمع بَيْنَهُ . وتفاصيل الأحوال من حال حِل الانتفاع أو حال عدة فذلك كله معلوم للمخاطبين ، وكذلك في الإماء .
والتعبير عن الإماء باسم { ما } الموصولة الغالب استعمالها لغير العاقل جرى على خلاف الغالب وهو استعمال كثير لا يحتَاج معه إلى تأويل .
وقوله : { فإنهم غير ملومين } تصريح بزائد على حكم مفهوم الاستثناء ، لأن الاستثناء لم يدل على أكثر من كون عدم الحفظ على الأزواج والمملوكات لا يمنع الفلاح فأريد زيادة بيان أنه أيضاً لا يوجب اللوم الشرعي ، فيدل هذا بالمفهوم على أن عدم الحفظ على من سواهن يوجب اللوم الشرعي ليحذره المؤمنون .
والفاء في قوله : { فإنهم غيرُ ملومين } تفريع للتصريح على مفهوم الاستثناء الذي هو في قوة الشرط فأشبه التفريع عليه جواب الشرط فقرىء بالفاء تحقيقاً للاشتراط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.