التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (6)

الاستثناء في قوله : { إلاّ على أزواجهم } الخ استثناء من عموم متعلَّقات الحفظ التي دلّ عليها حرف { على } ، أي حافظونها على كل ما يُحفظ عليه إلاّ المتعلَّق الذي هو أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ، فضمن { حافظون } معنى عدم البذل ، يقال : احفظ علي عنان فرسي كما يقال : أمسكْ عليّ كما في آية { أمسِكْ عَلَيْكَ زَوجك } [ الأحزاب : 37 ] . والمراد حِل الصنفين من بين بقية أصناف النساء . وهذا مجمل تبينه تفاصيل الأحكام في عدد الزوجات وما يحل منهن بمفرده أو الجمع بَيْنَهُ . وتفاصيل الأحوال من حال حِل الانتفاع أو حال عدة فذلك كله معلوم للمخاطبين ، وكذلك في الإماء .

والتعبير عن الإماء باسم { ما } الموصولة الغالب استعمالها لغير العاقل جرى على خلاف الغالب وهو استعمال كثير لا يحتَاج معه إلى تأويل .

وقوله : { فإنهم غير ملومين } تصريح بزائد على حكم مفهوم الاستثناء ، لأن الاستثناء لم يدل على أكثر من كون عدم الحفظ على الأزواج والمملوكات لا يمنع الفلاح فأريد زيادة بيان أنه أيضاً لا يوجب اللوم الشرعي ، فيدل هذا بالمفهوم على أن عدم الحفظ على من سواهن يوجب اللوم الشرعي ليحذره المؤمنون .

والفاء في قوله : { فإنهم غيرُ ملومين } تفريع للتصريح على مفهوم الاستثناء الذي هو في قوة الشرط فأشبه التفريع عليه جواب الشرط فقرىء بالفاء تحقيقاً للاشتراط .