قوله : { إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنَّه متعلقٌ ب " حافِظون " على التضمين . يعني مُمْسِكين أو قاصِرين . وكلاهما يتعدَّى ب على . قال تعالى : { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } [ الأحزاب : 37 ] الثاني : أن " على " بمعنى " مِنْ " أي : إلاَّ مِنْ أزواجهم . ف " على " بمعنى " مِنْ " ، كما جاءَتْ " مِنْ " بمعنى " على " في قوله { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ } [ الأنبياء : 77 ] ، وإليه ذَهَب الفراءُ . الثالث : أَنْ يكونَ في موضع نصبٍ على الحالِ . قال الزمخشري : أي إلاَّ والين على أزواجِهم أو/ قَوَّامين عليهنَّ . مِنْ قولِك : كان فلان على فلانةَ فمات عنها ، فخلف عليها فلانٌ . ونظيرُه : كان زيادٌ على البصرة أي : والياً عليها . ومنه قولُهم : " ثلاثةٌ تحت فلان ، ومِنْ ثَمَّ سُمِّيَتْ المرأةُ فِراشاً " . الرابع : أنه متعلقٌ بمحذوفٍ يَدُلُّ عليه " غيرُ مَلومين " . قال الزمخشري : " كأنه قيل : يُلامُون إلاَّ على أزواجِهم أي : يلامون على كلِّ مباشِر إلاَّ على ما أُطْلِقَ لهم فإنهم غيرُ ملومين عليه " . قلت : وإنما لم يَجْعَلْه متعلقاً ب " ملومين " لوجهين . أحدهما : أنَّ ما بعد " إنَّ " لا يَعْمل فيما قبلها .
والثاني : أنَّ المضافَ إليه لا يَعْمل فيما قبلَ المضاف ، ولفسادِ المعنى أيضاً .
الخامس : أَنْ يُجْعل صلةً لحافظين . قال الزمخشري : " مِنْ قولِك : احفَظْ عَلَيَّ عِنَانَ فرسي " ، على تضمينِه معنى النفي كما ضُمِّن قولُهم : " نَشَدْتُك باللهِ إلاَّ فَعَلْتَ " معنى : ما طَلَبْتُ منك إلاَّ فِعْلَك . يعني : أَنَّ صورتَه إثباتُ ومعناه نفيٌ .
قال الشيخ بعدما ذكَرْتُه عن الزمخشري : " وهذه وجوهٌ متكلَّفَةٌ ظاهرٌ فيها العُجْمَةُ " قلت : وأيُّ عُجْمَةٍ في ذلك ؟ على أنَّ الشيخَ جعلها متعلقةً ب " حافظون " على ما ذكره مِنَ التضمين . وهذا لا يَصِحُّ له إلاَّ بأَنْ يرتكبَ وجهاً منها : وهو التأويلُ بالنفيِ ك " نَشَدْتُك الله " لأنه استثناءٌ مفرغ ، ولا يكونُ إلاَّ بعد نفيٍ أو ما في معناه .
السادس : قال أبو البقاء : " في موضعِ نصبٍ ب حافِظُون " على المعنى ؛ لأنَّ المعنى : صانُوها عن كل فَرْجٍ إلاَّ عن فروجِ أزواجِهم " . قلت : وفيه شيئان ، أحدهما : تضمين " حافظون " معنى صانُوا ، وتضمينُ " على " معنى " عن " .
قوله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ } " ما " بمعنى اللاتي . وفي وقوعها على العقلاءِ وجهان ، أحدهما : أنها واقعةٌ على الأنواعِ كقوله : { فَانكِحُواْ مَا طَابَ } أي : أنواعَ . والثاني : قال الزمَخشري : " أُريد من جنسِ العقلاءِ ما يَجْري مَجْرى غيرِ العقلاءِ وهم الإِناثُ " . قال الشيخ : " وقوله : " وهم " ليس بجيدٍ ؛ لأنَّ لفظَ " هم " مختصٌّ بالذكورِ ، فكان ينبغي أَنْ يقولَ : " وهو " على لفظ " ما " . أو " وهُنَّ " على معنى " ما " قلت : والجواب عنه : أن الضميرَ عائدٌ على العقلاءِ ، فقوله " وهم " أي : والعقلاءُ الإِناث .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.