ثم أثنى - سبحانه - على ذاته بما هو أهل له فقال : { الله لا إله إِلاَّ هُوَ لَهُ الأسمآء الحسنى } .
أى : هو الله - تعالى - وحده الذى يجب أن يخلص الخلق له العبادة والطاعة ولا أحد غيره يستحق ذلك ، وهو صاحب الأسماء { الحسنى } أى : الفضلى والعظمى ، لدلالتها على معانى التقديس والتمجيد والتعظيم والنهاية فى السمو والكمال .
وفى الحديث الصحيح عن النبى - صلى الله عليه وسلم - :
" إن لله تسعة وتسعين اسما ، من أحصاها دخل الجنة " .
قال - تعالى - : { وَللَّهِ الأسمآء الحسنى فادعوه بِهَا وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وقال - سبحانه - { قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسمآء الحسنى . . } .
و { الأسماء الحسنى } يريد بها التسميات التي تضمنتها المعاني التي هي في غاية الحسن ووحد الصفة مع جمع الموصوف لما كانت التسميات لا تعقل ، وهذا جار مجرى { مآرب أخرى }{[8079]} [ طه : 18 ] { ويا جبال أوبي معه }{[8080]} [ سبأ : 10 ] وغيره ، وذكر أهل العلم أن هذه الأسماء هي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة »{[8081]} وذكرها الترمذي وغيره مسنده .
تذييل لما قبله لأنّ ما قبله تضمن صفات من فعل الله تعالى ومن خَلقه ومن عظمته فجاء هذا التذييل بما يجمع صفاته .
واسم الجلالة خبر لمبتدأ محذوف . والتقدير : هو الله ، جرياً على ما تقدّم عند قوله تعالى : { الرحمن على العَرْشِ استوى } [ طه : 5 ] .
وجملة { لا إله إلاَّ هُو } حال من اسم الجلالة . وكذلك جملة { لهُ الأسماءُ الحسنى } .
والأسماء : الكلمات الدالة على الاتّصاف بحقائق . وهي بالنسبة إلى الله : إما علَم وهو اسم الجلالة خاصةً . وإما وصف مثل الرحمان والجبّار وبقية الأسماء الحسنى .
وتقديم المجرور في قوله { له الأسماءُ الحُسْنى } للاختصاص ، أي لا لغيره لأنّ غيره إما أن يكون اسمه مجرداً من المعاني المدلولة للأسماء مثل الأصنام ، وإما أن تكون حقائقها فيه غير بالغة منتهى كمال حقيقتها كاتصاف البشر بالرحمة والمِلك ، وإما أن يكون الاتّصاف بها كَذباً لا حقيقة ، كاتصاف البشر بالكِبْر ، إذ ليس أهلاً للكبر والجبروت والعزّة .
ووصْف الأسمَاءُ بالحسنى لأنها دالة على حقائق كاملة بالنسبة إلى المسمى بها تعالى وتقدس . وذلك ظاهر في غير اسم الجلالة ، وأما في اسم الجلالة الذي هو الاسم العلَم فلأنه مخالف للأعلام من حيث إنّه في الأصل وصف دال على الانفراد بالإلهية لأنّه دال على الإله ، وعُرّف باللام الدالة على انحصار الحقيقة عنده ، فكان جامعاً لمعنى وجوب الوجود ، واستحق العبادة لوجود أسباب استحقاقها عنده .
وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } في سورة الأعراف ( 180 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.