ثم ذكرهم - سبحانه - بنعمه على سبيل الإِجمال ، بعد أن فصل جانباً منها فى الآيات السابقة فقال - تعالى - { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَآ } .
والمراد بالنعمة هنا جنسها ، الذى يشمل كل نعمه ، لأن لفظ العدد والإِحصاء قرينة على ذلك ، وعلماء البيان يعدون استعمال المفرد فى معنى الجمع اعتمادا على القرينة - من أبلغ الأساليب الكلامية .
أى : وإن تعدوا نعمة الله - تعالى - التى أنعمها عليكم ، فى أنفسكم ، وفيما سخره لكم لا تستطيعون حصر هذه النعم لكثرتها ولتنوعها .
وما دام الأمر كذلك فاشكروه عليها ما استطعتم ، وأخلصوا له العبادة والطاعة .
وقوله : { إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } استئناف قصد به فتح باب الأمل أمامهم لكى يتداركوا ما فرط منهم من جحود وتقصير فى حقه - سبحانه - .
أى : إن الله - تعالى - لغفور لعباده على ما فرط منهم متى تابوا إليه توبة نصوحا ، رحيم بهم ، حيث لم يؤاخذهم بذنوبهم . بل منحهم نعمه مع تقصيرهم فى شكره - تعالى .
قال ابن كثير - رحمه الله - قوله : " { إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } أى يتجاوز عنكم ، ولو طالبكم بشكر جميع نعمه لعجزتم عن القيام بذلك ، ولو أمركم به لضعفتم وتركتم ، ولو عذبكم لعذبكم وهو غير ظالم لكم ، ولكنه غفور رحيم ، يغفر الكثير ، ويجازى على اليسير " .
وقوله { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } أي إن حاولتم إحصاءها وحصرها عدداً حتى لا يشذ شيء منها لم تقدروا على ذلك ، ولا اتفق لكم إحصاؤها إذ هي في كل دقيقة من أحوالكم ، . و «النعمة » هنا مفردة يراد بها الجمع ، وبحسب العجز عن عد نعم الله يلزم أن يكون الشاكر لها مقصراً عن بعضها ، فلذلك قال عز وجل { إن الله لغفور رحيم } أي تقصيركم في الشكر عن جميعها ، نحا هذا المنحى الطبري ، ويرد عليه أن نعمة الله تعالى في قول العبد : الحمد لله رب العالمين مع شروطها من النية والطاعة يوازي جميع النعم ، ولكن أين قولها بشروطها ؟ والمخاطبة بقوله { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } عامة لجميع الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.