محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (18)

[ 18 ] { وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم 18 } .

ثم نبه ، سبحانه وتعالى ، على كثرة نعمه عليهم وإحسانه بما لا يحصى ، إشارة إلى أنه حق عبادته غير مقدور ، بقوله تعالى : { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } أي لا تضبطوا عددها ولا تبلغه طاقتكم ، فضلا أن تطبقوا القيام بحقها من أداء الشكر { إن الله لغفور رحيم } أي حيث يتجاوز عن التقصير في أداء شكرها ، ولا يقطعها عنكم لتفريطكم . ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها . قاله الزمخشري .

ولحظ ابن جرير ، أن مغفرته تعالى ورحمته لهم ، إذا تابوا وأنابوا . أي فيتجاوز عن تقصيرهم بشكرها الحقيقي ، ولا يعذبهم بعد توبتهم وإنابتهم إلى طاعته .

لطيفة :

قال أبو السعود : كان الظاهر إيراد هذه الآية ، عقيب ما تقدم من النعم المعددة ، تكملة / لها على طريقة قوله تعالى{[5238]} : { ويخلق ما لا تعلمون } ولعل فصل ما بينهما بقوله{[5239]} : { أفمن يخلق } الآية ، للمبادرة إلى إلزام الحجة ، وإلقاء الحجر ، إثر تفصيل ما فصل من الأفاعيل ، التي هي أدلة الوحدانية .


[5238]:[16 / النحل / 8].
[5239]:[16 / النحل / 17].