البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (18)

والنعمة يراد بها النعم لا نعمة واحدة ، يدل على ذلك قوله تعالى : { وإن تعدوا } وقوله : { لا تحصوها } إذ ينتفي العد والإحصاء في الواحدة ، والمعنى : لا تحصوا عدها ، لأنها لكثرتها خرجت عن إحصائكم لها ، وانتفاء إحصائها يقتضي انتفاء القيام بحقها من الشكر .

ولما ذكر نعماً سابقة أخبر أنّ جميع نعمه لا يطيقون عدها .

وأتبع ذلك بقوله : إن الله لغفور رحيم ، حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم ، ولا يقطعها عنكم لتفريطكم ، ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها .

ولما كان الإنسان غير قادر على أداء شكر النعم ، وأن له حالة يعرض فيها منه كفرانها قال في عقب الآية التي في إبراهيم : { إن الإنسان لظلوم كفار } أي لظلوم بترك الشكر كفار للنعمة .

وفي هذه الآية ذكر الغفران والرحمة لطفاً به ، وإيذاناً في التجاوز عنه .