لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (18)

وقوله تعالى { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } يعني أن نعم الله على العبد فيما خلق الله فيه من صحة البدن وعافية الجسم ، وإعطاء النظر الصحيح والعقل السليم ، والسمع الذي يفهم به الأشياء وبطش اليدين وسعي الرجلين إلى غير ذلك مما أنعم به عليه في نفسه ، وفيما أنعم به عليه مما خلق له من جميع ما يحتاج إليه من أمر الدين والدنيا لا تحصى حتى لو رام أحد معرفة أدنى نعمة من هذه النعم لعجز عن معرفتها وحصرها فكيف بنعمة العظام التي لا يمكن الوصول إلى حصرها لجميع الخلق فذلك قوله تعالى { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } يعني ولو اجتهدتم في ذلك وأتبعتم نفوسكم لا تقدرون عليه { إن الله لغفور } يعين لتقصيركم في القيام بشكر نعمته كما يجب عليكم { رحيم } يعني بكم حيث وسع عليكم النعم ، ولم يقطعها عنكم بسبب التقصير ، والمعاصي .