معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

قوله تعالى : { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } ظناً منهم أنها غير آتية ، { والذين آمنوا مشفقون } أي : خائفون { منها ويعلمون أنها الحق } أنها آتية لا ريب فيها ، { ألا إن الذين يمارون } يخاصمون ، وقيل : يدخلهم المرية والشك . { في الساعة لفي ضلال بعيد* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

وقوله - تعالى - : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا والذين آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا } بيان لموقف الكافرين والمؤمنين من الساعة .

أى : يستعجل الكافرون قيام الساعة ، استعجال استهزاء وإستخفاف لجهلهم وانطماس بصائرهم ، أما الذين آمنوا بالله واليوم الآخرز فهم خائفون مشفقون من قيامها ، لما فيها من أهوال وحساب وثواب وعقاب ، ولأنهم لا يدرون ما الذى سيفعله الله - تعالى - بهم .

فقوله - تعالى - { مُشْفِقُونَ } من الإِشفاق ، وهو عناية مشوبة بخوف ، لأن المشفق يحب المشفق عليه ، ويخاف ما يلحقه . فإذا عدى بحرف " من " فمعنى الخوف فيه اظهر ، وإذا عدى بحرف " فى " فمعنى العناية فيه أظهر .

وقوله - سبحانه - { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الحق } تأكيد لإِيمان المؤمنين بها ، ومدح لهم على هذا الإِيمان .

أى : أن المؤمنين وجلون من الساعة لما فيها من حساب . . ومع ذلك فهم لصدق يقينهم يعتقدون أنها آتية لا ريب فيها ، ويستعدون لاستقبالها بالإِيمان العميق ، وبالعمل الصالح الذى يرضى الله - تعالى - .

ثم وبخ - سبحانه - الذى يشكون فى البعث والنشور فقال : { أَلاَ إِنَّ الذين يُمَارُونَ فَي الساعة لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } .

وقوله : { يُمَارُونَ } من المماراة بمعنى المجادلة والمخاصمة . يقال : مارى فلان فى الشئ يمارى مراء ومماراة ، إذا خاصم وجادل .

ٍأى : ألا إن الذين يخاصمون فى قيام الساعة خصام شك وريبة ، لفى ضلال بعيد عن الحق ، وفى ذهول شديد عن الصواب ، لأن قدرة الله - تعالى - لا يعجزها شئ ، ولأن حكمته قد اقتضت أن يجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

وقوله : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا } أي : يقولون : { مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [ سبأ : 29 ] ، وإنما يقولون{[25802]} ذلك تكذيبا واستبعادا ، وكفرا وعنادا ، { وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا } أي : خائفون وجلون من وقوعها { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ } أي : كائنة لا محالة ، فهم مستعدون لها عاملون من أجلها .

وقد رُوي من طرق تبلغ درجة التواتر ، في الصحاح والحسان ، والسنن والمسانيد ، وفي بعض ألفاظه ؛ أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت جَهْوَرِيّ ، وهو في بعض أسفاره فناداه فقال : يا محمد . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من صوته " هاؤم " . فقال : متى الساعة ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك ، إنها كائنة ، فما أعددت لها ؟ " فقال : حُب الله ورسوله . فقال : " أنت مع من أحببت{[25803]} .

فقوله في الحديث : " المرء مع من أحب " ، هذا متواتر لا محالة ، والغرض أنه لم يجبه عن وقت الساعة ، بل أمره بالاستعداد لها .

وقوله : { أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ } أي : يحاجّون في وجودها ويدفعون وقوعها ، { لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } أي : في جهل بين ؛ لأن الذي خلق السموات والأرض قادر على إحياء الموتى بطريق الأولى والأحرى ، كما قال : { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] .


[25802]:- (1) في ت: "يقول".
[25803]:- (2) رواه البخاري في صحيحه برقم (6167) ومسلم في صحيحه برقم (2639) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

{ يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } استهزاء . { والذين آمنوا مشفقون منها } خائفون منها مع اغتيابها لتوقع الثواب . { ويعلمون أنها الحق } أي الكائن لا محالة . { ألا إن الذين يمارون في الساعة } يجادلون فيها من المرية ، أو من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة للحلب لأن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة . { لفي ضلال بعيد } عن الحق فإن البعث أشبه الغائبات إلى المحسوسات ، فمن لم يهتد لتجويزه فهو أبعد عن الاهتداء إلى ما وراءه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

ثم وصف تعالى حال الجهلة الكاذبين بها ، فهم لذلك يستعجلون بها ، أي يطلبون تعجيلها ليبين العجز ممن يحققها ، فالمصدق بها مشفق خائف ، والمكذب مستعجل مقيم لحجته على تكذيبه بذلك المستعجل به . ثم استفتح الإخبار عن الممارين في الساعة بأنهم في ضلال قد بعد بهم ، فرجوعهم عنه صعب متعذر ، وفي هذا الاستفتاح مبالغة وتأكيد وتهيئة لنفس السامع .