فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

{ يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } .

ومع أن يوم الفصل ليس ببعيد فإن المنكرين يستعجلون مجيء هذا اليوم ، استهزاءا ويأسا من تحققه { قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون يسألون أيان يوم الدين }{[4250]} .

{ والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق } .

والموقنون المصدقون خائفون منها وجلون ، لأنهم مع جهدهم في الطاعة يستقصرون أمرهم : { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون }{[4251]} ، وهكذا جعل اليقين بالآخرة والخوف من أحوالها وأهوالها قرين الاهتداء بهدى الله والاستنارة بنوره : { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد }{[4252]}

{ ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد( 18 ) } .

إن الذين يشكون في الساعة ويترددون في التصديق بمجيئها ضلوا عن الحق ، وحادوا عن طريق الرشاد { بل ادّارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون }{[4253]} إذ لو بقيت فيهم آثار من نور البصيرة لعلموا أن الذي بدأ قادر على الإعادة وهو أهون عليه ، وأن الذي يحيي الأرض بعد موتها يبعث الموتى من قبورهم ، وأن الذي يتوفى الأنفس حين نومها بعد رقادها قادر على أن يحيي الموتى ، وفي المأثور : والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون .


[4250]:سورة الذاريات الآيات: 10، 11، 12.
[4251]:سورة المؤمنون الآية 60.
[4252]:سورة ق من الآية 450
[4253]:سورة النحل الآية 66.