معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (6)

قوله تعالى : { إلا على أزواجهم } أي : من أزواجهم ، و ( ( على ) ) بمعنى من . { أو ما ملكت أيمانهم } ( ما ) في محل الخفض ، يعني أو مما ملكت أيمانهم ، والآية في الرجال خاصة بدليل قوله : { أو ما ملكت أيمانهم } والمرأة لا يجوز أن تستمتع بفرج مملوكها . { فإنهم غير ملومين } يعني يحفظ فرجه إلا من امرأته أو أمته فإنه لا يلام على ذلك ، وإنما لا يلام فيهما إذا كان على وجه أذن فيه الشرع دون الإتيان في غير المأتي ، وفي حال الحيض والنفاس ، فإنه محظور وهو على فعله ملوم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (6)

ثم بين - سبحانه - الصفة الرابعة من صفاتهم فقال : { والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } .

أى : أن من صفات هؤلاء المؤمنين - أيضاً - أنهم أعفاء ممسكون لشهواتهم لا يستعملونها إلا مع زوجاتهم التى أحلها الله - تعالى - لهم ، أو مع ما ملكت أيمانهم من الإماء والسرارى ، وذلك لأن من شأن الأمة المؤمنة إيماناً حقاً ، أن تصان فيها الأعراض ، وأن يحافظ فيها على الأنساب ، وأن توضع فيها الشهوات فى مواضعها التى شرعها الله - تعالى - وأن يغض فيها الرجال أبصارهم والنساء أبصارهن عن كل ما هو قبيح .

وما وجدت أمة انتشرت فيها الفاحشة ، كالزنا واللواط وما يشبههما ، إلا وكان أمرها فرطاً ، وعاقبتها خسرا ، إذ فاحشة الزنا تؤدى إلى ضياع الأنساب ، وانتشار الأمراض ، وفساد النفوس من كل قيمة خلقية مقبولة .

وفاحشة اللواط وما يشبهها تؤدى إلى شيوع الفاحشة فى الأمة ، وإلى تحول من يأتى تلك الفاحشة من أفرادها إلى مخلوقات منكوسة ، تؤثر الرذيلة على الفضيلة .

وجملة : { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } تعليل للاستثناء .

أى : هم حافظون لفروجهم ، فلا يستعملون شهواتهم إلا مع أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ، فإنهم غير مؤاخذين على ذلك ، لأن معاشرة الأزواج أو ما ملكت الأيمان ، مما أحله الله تعالى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (6)

وقوله : { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } أي : والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام ، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط ، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم ، وما ملكت أيمانهم من السراري ، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج ؛ ولهذا{[20463]} قال : { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ } أي : غير الأزواج والإماء ، { فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } أي : المعتدون .

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بَشَّار ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، أن امرأة

اتخذت مملوكها ، وقالت : تأَوّلْت آية من كتاب الله : { أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } [ قال ]{[20464]} : فأُتي بها عمر ابن الخطاب ، فقال له ناس من أصحاب النبي{[20465]} صلى الله عليه وسلم : تأولت آية من كتاب الله على غير وجهها . قال : فَغرب{[20466]} العبد وجزّ رأسه : وقال : أنت بعده حرام على كل مسلم . هذا أثر غريب منقطع ، ذكره{[20467]} ابن جرير في أول تفسير سورة المائدة{[20468]} ، وهو هاهنا أليق ، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها ، والله أعلم .

وقد استدل الإمام الشافعي ، رحمه الله ، ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } قال : فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين ، وقد قال : { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عَرَفَةَ في جزئه المشهور حيث قال :

حدثني علي بن ثابت الجَزَريّ ، عن مسلمة بن جعفر ، عن حسان بن حميد{[20469]} ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا يجمعهم مع العاملين ، ويدخلهم النار أول الداخلين ، إلا أن يتوبوا ، فمن تاب تاب الله عليه : ناكح يده{[20470]} ، والفاعل ، والمفعول به ، ومدمن{[20471]} الخمر ، والضارب والديه حتى يستغيثا ، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه ، والناكح حليلة جاره " {[20472]} .

هذا حديث غريب ، وإسناده فيه من لا يعرف ؛ لجهالته ، والله أعلم .


[20463]:- في ف : "فلهذا".
[20464]:- زيادة من أ.
[20465]:- في أ : "رسول الله".
[20466]:- في ف ، أ : "فضرب" وهو الصحيح.
[20467]:- في أ : "ذكرها".
[20468]:- تفسير الطبري (9/586) ط - المعارف.
[20469]:- في ف ، أ : "أحمد".
[20470]:- في ف ، أ : "الناكح يده".
[20471]:- في ف ، أ : "المدمن".
[20472]:- جزء الحسن بن عرفة برقم (41).

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} (6)

{ والذين هم لفروجهم حافظون } لا يبذلونها { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } زوجاتهم أو سرياتهم ، و { على } صلة ل{ حافظون } من قولك احفظ على عنان فرسي ، أو حال أي حافظوها في كافة الأحوال إلا في حال التزوج أو التسري ، أو بفعل دل عليه غير ملومين وإنما قال : ما إجراء للماليك مجرى غير العقلاء إذ الملك أصل شائع فيه وإفراد ذلك بعد تعميم قوله : { والذين هم عن اللغو معرضون } لأن المباشرة أشهى الملاهي إلى النفس وأعظمها خطرا . { فإنهم غير ملومين } الضمير لحافظون ، أو لمن دل عليه الاستثناء أي فإن بذلوها لأزواجهم أو إمائهم فإنهم غير ملومين على ذلك .