معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

فمن قدرته أنه { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير* ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون } قرأ أهل البصرة و حمزة و الكسائي وحفص : بالياء ، وقرأ الآخرون : بالتاء ، يعني المشركين ، { من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي } العالي على كل شيء ، { الكبير } العظيم الذي كل شيء دونه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

وقوله - سبحانه - : { ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الباطل . . } بيان لحقيته - عز وجل - للعبادة والطاعة والخضوع التام .

واسم الإشارة يعود إلى ما وصف به نفسه قبل ذلك من صفات القدرة الباهرة والعلم التام .

أى : ذلك الذى تراه - أيها العاقل - فى هذا الكون من مخلوقات ، ومن نصر للمظلوم ، ومن إدخال الليل فى النهار وإدخال النهار فى الليل ، سببه أن الله - تعالى - هو الإله الحق الذى يجب أن تعنو له الوجوه . وأن ما عداه من معبودات آلهة باطلة ما أنزل الله بها من سلطان .

{ وَأَنَّ الله } - تعالى - وحده { هُوَ العلي } أى : العالى على جميع الكائنات بقدرته ، وكل شىء دونه { الكبير } أى : العظيم الذى لا يدانيه فى عظمته أحد .

فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة ، قد وصفت الله - تعالى - بما هو أهل له من صفات الجلال والكمال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

قال : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ } أي : الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له ؛ لأنه ذو السلطان العظيم ، الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وكل شيء فقير إليه ، ذليل لديه ، { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ } أي : من الأصنام والأنداد والأوثان ، وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل ؛ لأنه لا يملك ضرًا ولا نفعًا .

وقوله : { وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } ، كما قال : { وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [ البقرة : 255 ] ، وقال : { الْكَبِيرُ{[20398]} الْمُتَعَالِ } [ الرعد : 9 ] فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه ؛ لأنه العظيم الذي لا أعظم منه ، العلي الذي لا أعلى منه ، الكبير الذي لا أكبر منه ، تعالى وتقدس وتنزه ، وعز وجل عما يقول الظالمون [ المعتدون ]{[20399]} علوا كبيرا .


[20398]:- في ت ، ف : "وهو الكبير".
[20399]:- زيادة من أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنّ اللّهَ هُوَ الْحَقّ وَأَنّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنّ اللّهَ هُوَ الْعَلِيّ الْكَبِيرُ } .

يعني تعالى ذكره بقوله ذَلكَ هذا الفعل الذي فعلت من إيلاجي الليل في النهار وإيلاجِي النهار في الليل لأني أنا الحقّ الذي لا مثل لي ولا شريك ولا ندّ ، وأن الذي يدعوه هؤلاء المشركون إلها من دونه هو الباطل الذي لا يقدر على صنعة شيء ، بل هو المصنوع يقول لهم تعالى ذكره : أفتتركون أيها الجهال عبادة من منه النفع وبيده الضر وهو القادر على كل شيء وكلّ شيء دونه ، وتعبدون الباطل الذي لا تنفعكم عبادته . وقوله : وأنّ اللّهَ هُوَ العَلِيّ الكَبيرُ يعني بقوله : العَلِيّ ذو العلوّ على كل شيء ، هو فوق كلّ شيء وكل شيء دونه . الكَبِيرُ يعني العظيم ، الذي كل شيء دونه ولا شيء أعظم منه .

وكان ابن جُرَيج يقول في قوله : وأنّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الباطلُ ما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، في قوله : وأنّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الباطِلُ قال : الشيطان .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : وأنّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ فقرأته عامة قرّاء العراق والحجاز : تَدْعُونَ بالتاء على وجه الخطاب وقرأته عامة قرّاء العراق غير عاصم بالياء على وجه الخبر ، والياء أعجب القراءتين إليّ ، لأن ابتداء الخبر على وجه الخطاب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

{ ذلك } الوصف بكمال القدرة والعلم . { بأن الله هو الحق } الثابت في نفسه الواجب لذاته وحده ، فإن وجوب وجوده ووحدته يقتضيان أن يكون مبدأ لكل ما يوجد سواه عالما بذاته وبما عداه ، أو الثابت الإلهية ولا يصلح لها إلا من كان قادرا عالما . { وأن ما يدعون من دونه } إلها ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو بكر بالتاء على مخاطبة المشركين ، وقرأ بالبناء للمفعول فتكون الواو لما فإنه في معنى الآلهة . { هو الباطل } المعدوم في حد ذاته ، أو باطل الألوهية . { وأن الله هو العلي } على الأشياء { الكبير } على أن يكون له شريك لا شيء أعلى منه شأنها وأكبر منه سلطانا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

اسم الإشارة هنا تكرير لاسم الإشارة الذي سبقه ولذلك لم يعطف . ثم أخبر عنه بسبب آخر لنصر المؤمنين على المشركين بأن الله هو الرب الحق الذي إذا أراد فعَل وقدر فهو ينصر أولياءه وأن ما يدعوه المشركون من دون الله هو الباطل فلا يستطيعون نَصْرَهم ولا أنفسَهم يَنصُرون . وهذا على حمل الباء في قوله : { بأن الله هو الحق } على معنى السببية ، وهو محمل المفسرين . وسيأتي في سورة لُقمان في نظيرها : أن الأظهر حمل الباء على الملابسة ليلتئم عطف { وأن ما تدعون من دونه هو الباطل } .

والحق : المطابق للواقع ، أي الصدق ، مأخوذ من حَقّ الشيءُ إذا ثبَت : والمعنى : أنه الحق في الإلهيّة ، فالقصر في هذه الجملة المستفاد من ضمير الفصل قصر حقيقي .

وأما القصر في قوله { وأن ما تدعون من دونه هو الباطل } المستفاد من ضمير الفصل فهو قصر ادعائيّ لعدم الاعتداد بباطللِ غيرها حتى كأنه ليس من الباطل . وهذا مبالغة في تحقير أصنامهم لأنّ المقام مقام مناضلة وتوعد ، وإلا فكثير من أصنام وأوثان غير العرب باطل أيضاً .

وقرأ نافع ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم ، وأبو جعفر { تَدْعُون } بالتاء الفوقيّة على الالتفات إلى خطاب المشركين لأنّ الكلام السابق الذي جرت عليهم فيه ضمائر الغيبة مقصود منه إسماعهم والتعريض باقتراب الانتصار عليهم . وقرأ البقية بالتحتية على طريقة الكلام السابق .

وعلوّ الله : مستعار للجلال والكمال التام .

والكِبر : مستعار لتمام القدرة ، أي هو العلي الكبير دون الأصنام التي تعبدونها إذ ليس لها كمال ولا قدرة ببرهان المشاهدة .