مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

السؤال التاسع : ما معنى قوله : { ذلك بأن الله هو الحق } وأي تعلق له بما تقدم ؟ الجواب فيه وجهان : أحدهما : المراد أن ذلك الوصف الذي تقدم ذكره من القدرة على هذه الأمور إنما حصل لأجل أن الله هو الحق أي هو الموجود الواجب لذاته الذي يمتنع عليه التغير والزوال فلا جرم أتى بالوعد والوعيد . ثانيهما : أن ما يفعل من عبادته هو الحق وما يفعل من عبادة غيره فهو الباطل كما قال : { ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة } .

السؤال العاشر : أي تعلق لقوله : { وأن الله هو العلي الكبير } بما تقدم ؟ والجواب : معنى العلي القاهر المقتدر الذي لا يغلب فنبه بذلك على أنه القادر على الضر والنفع دون سائر من يعبد مرغبا بذلك في عبادته زاجرا عن عبادة غيره ، فأما الكبير فهو العظيم في قدرته وسلطانه ، وذلك أيضا يفيد كمال القدرة .

المسألة الثالثة : قوله : { لينصرنه الله } إخبار عن الغيب فإنه وجد مخبره كما أخبر فكان من المعجزات .

المسألة الرابعة : قال الشافعي رحمه الله : من حرق حرقناه ، ومن غرق غرقناه . وقال أبو حنيفة رحمه الله : بل يقتل بالسيف . واحتج الشافعي رحمه الله بهذه الآية ، فإن الله تعالى جوز للمظلوم أن يعاقب بمثل ما عوقب به ووعده النصر عليه .

المسألة الخامسة : قرأ نافع وابن عامر { تدعون } بالتاء ههنا وفي لقمان وفي المؤمنين وفي العنكبوت . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو كلها بالياء على الخبر ، والعرب قد تنصرف من الخطاب إلى الإخبار ومن الإخبار إلى الخطاب .