اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (62)

قوله : { ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق } الآية . قرأ العامة «وأن ما » عطفاً على الأول{[31731]} . والحسن بكسرها استئنافاً{[31732]} . وقوله : «هُوَ الحَقّ » يجوز أن يكون فصلاً ومبتدأ .

وجوَّز أبو البقاء أن يكون توكيداً {[31733]} . وهو غلط لأن المضمر لا يؤكد المظهر{[31734]} ، ولكان صيغة النصب أولى به من الرفع فيقال : إياه ، لأن المتبوع منصوب . وقرأ الأخوان وحفص وأبو عمرو هنا وفي لقمان{[31735]} «يَدْعُونَ » بالياء من تحت . والباقون بالتاء من فوق ، والفعل مبني للفاعل{[31736]} وقرأ مجاهد واليماني بالياء من تحت مبنياً للمفعول{[31737]} . والواو التي هي ضمير تعود على معنى «ما »{[31738]} والمراد بها الأصنام أو الشياطين{[31739]} ، ومعنى الآية : أن ذلك الوصف الذي تقدم من القدرة على هذه الأمور لأجل أن الله هو الحق ، أي{[31740]} : هو الموجود الواجب لذاته الذي يمتنع عليه التغيير والزوال وأن ما يفعل من عبادته هو الحق وما يفعل من عبادة غيره فهو الباطل كقوله : { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدنيا وَلاَ فِي الآخرة }{[31741]} {[31742]} [ غافر : 43 ] .

{ وَأَنَّ الله هُوَ العلي الكبير } العلي{[31743]} القاهر{[31744]} المقتدر نبه بذلك على أنه القادر على الضر والنفع دون سائر من يعبد مرغباً بذلك في عبادته زاجراً عن عبادة غيره ، وأما الكبير فهو العظيم في قدرته وسلطانه ، وذلك يفيد كمال القدرة {[31745]} .


[31731]:انظر البحر المحيط 6/384.
[31732]:المرجع السابق.
[31733]:التبيان 2/947.
[31734]:وذلك لأن المظهر لا يؤكد إلا بظاهر، ولا يؤكد بمضمر فلا تقول: جاءني زيد هو، ولا مررت بزيد هو، لأنه يشترط في المؤكد أن لا يكون أعرف من المؤكد، والمضمر أعرف من المظهر فلم يجز أن يكون توكيدا له. وأيضا فإن الغرض من التوكيد الإيضاح والبيان وإزالة اللبس، والمضمر أخفى من الظاهر فلا يصلح أن يكون مبينا له. ابن يعيش 3/42.
[31735]:وهو قوله تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير} [لقمان: 30].
[31736]:السبعة (440) الكشف 2/123، النشر 2/327، الإتحاف (396).
[31737]:المختصر (96)، البحر المحيط 6/384.
[31738]:ما: سقط من ب.
[31739]:والأولى العموم في كل مدعو دون الله تعالى. تفسير ابن عطية 10/313، البحر المحيط 6/384.
[31740]:أي: سقط من ب.
[31741]:من قوله تعالى: {لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار} [غافر: 43].
[31742]:انظر الفخر الرازي 23/61.
[31743]:العلي: سقط من ب.
[31744]:في ب: الفاعل. وهو تحريف.
[31745]:انظر الفخر الرازي 23/61.