معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} (22)

قوله عز وجل :{ ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين } يعني : المشركين . { منتقمون* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} (22)

ثم بين - سبحانه - حال من يدعى إلى الهدى فيعرض عنه ، فقال : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ } .

أى : لا أحد أشد ظلماً وكفراً ممن ذكره المذكر بالآيات الدالة على وحدانية الله - تعالى - وقدرته ، وعلى أن دين الإِسلام هو الحق ، ثم أعرض عنها جحوداً وعناداً .

{ إِنَّا مِنَ المجرمين مُنتَقِمُونَ } أى : إنَّا من أهل الإِجرام والجحود لآياتنا منتقمون انتقاماً يذلهم ويهينهم .

قال صاحب الكشاف : " ثم " فى قوله { ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ } للاستبعاد .

والمعنى : أن الإِعراض عن مثل آيات الله ، فى وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل ، والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد فى العقل والعدل . كما تقول لصاحبك : وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها ، استبعاداً لتركه الانتهاز .

ومنه " ثم " فى بيت الحماسة :

لا يشكف الغماء إلا ابن حرة . . . يرى غمرات الموت ثم يزورها

استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها .

فإن قلت : هلا قيل : إنا منه منتقمون ؟ قلت : لما جعله أظلم كل ظالم ، ثم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم ، فقد دل على إصابة الأظلم بالنصيب والأوفر من الانتقام ، ولو قاله بالضمير لم يفد هذه الإِفادة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} (22)

فأما إذا ذكروا بآيات ربهم فأعرضوا عنها وجاءهم العذاب الأدنى فلم يرجعوا ولم يعتبروا فإنهم إذن ظالمون ( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها ? )وإنهم إذن يستحقون الانتقام في الدنيا والآخرة : ( إنا من المجرمين منتقمون ) . . ويا هوله من تهديد . والجبار المتكبر هو الذي يتوعد هؤلاء الضعاف المساكين بالانتقام الرعيب !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} (22)

ثم قال تعالى : { ومن أظلم } على جهة التعجب ، والتقدير أي لا أحد أظلم ممن هذه صفته ، وهي بخلاف ما تقدم في صفة المؤمنين من أنهم إذا ذكروا بآيات الله خروا سجداً ، ثم توعد تعالى { المجرمين } وهم المتجاسرون على ركوب الكفر والمعاصي بالنقمة ، وظاهر الإجرام هنا أنه الكفر ، وحكى الطبري عن يزيد بن رفيع أنه قال : إن قول الله تعالى في القرآن { إنا من المجرمين منتقمون } إنا هو في أهل القدر .

قال الفقيه الإمام القاضي : يريد القائلين بأن الأمر أنف ، وأن أفعال العبد من قبله ، قال ثم قرأ يزيد بن رفيع { إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر }{[9434]} [ القمر 47 - 49 ] .

قال الفقيه الإمام القاضي : في هذا المنزع من البعد ما لا خفاء به ، وروى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ثلاث من فعلهن فقد أجرم ، من عقد لواء في غير حق ، ومن عق والديه ، ومن نصر ظالماً »{[9435]} .


[9434]:الآيات (47،48،49) من سورة القمر.
[9435]:قال الإمام السيوطي في (الدر المنثور): "أخرجه ابن منيع، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه بسند ضعيف عن معاذ بن جبل رضي الله عنه"، وقال ابن كثير بعد إخراجه: "هذا حديث غريب".