ولما كان التقدير : يرجعون عن{[54826]} ظلمهم فإنهم ظالمون ، عطف عليه قوله : { ومن أظلم } منهم هكذا كان{[54827]} الأصل ولكنه أظهر الوصف الذي صاروا أظلم فقال : { ممن ذكر } أي من أيّ مذكر كان وصرف القول إلى صفة الإحسان استعطافاً وتنبيهاً على وجوب الشكر فقال : { بآيات ربه } أي الذي لا نعمة عنده إلا منه .
ولما بلغت هذه الآيات من الوضوح أقصى الغايات ، فكان الإعراض عنها مستبعداً بعده{[54828]} ، عبر عنه بأداة البعد لذلك فقال : { ثم أعرض عنها } ضد ما عمله الذين{[54829]} لم يتمالكوا أن خروا سجداً ، ويجوز - وهو أحسن - أن يكون " ثم " على بابها للتراخي ، ليكون المعنى أن من وقع له التذكير بها في وقت ما ، فأخذ يتأمل فيها ثم أعرض عنها بعد ذلك ولو بألف عام فهو أظلم الظالمين ، ويدخل فيه ما دون ذلك من باب الأولى لأنه أجدر بعدم{[54830]} النسيان ، فهي أبلغ من التعبير بالفاء كما في سورة الكهف ، ويكون عدل إلى الفاء هناك شرحاً لما يكون من حالهم ، عند بيان سؤالهم ، الذي جعلوا بيانه آية الصدق ، والعجز عنه آية الكذب .
ولما كان الحال مقتضياً للسؤال عن جزائهم ، وكان{[54831]} قد أفرد الضمير باعتبار لفظ " من " تنبيهاً على قباحة الظلم من كل فرد ، قال جامعاً لأن إهانة الجمع دالة على إهانة الواحد من باب الأولى ، مؤكداً لإن إقدامهم على التكذيب كالإنكار لأن تجاوزوا عليه ، صارفاً{[54832]} وجه الكلام عن صفة الإحسان إيذاناً بالغضب : { إنا } منهم ، هكذا كان الأصلي ، ولكنه أظهر الوصف نصفاً في التعميم وتعليقاً للحكم به معيناً لنوع ظلمهم تبشيعاً له فقال : { من المجرمين } أي{[54833]} القاطعين{[54834]} لما يستحق{[54835]} الوصل خاصة { منتقمون } وعبر بصيغة العظمة تنبيهاً على أن الذي يحصل لهم من العذاب لا يدخل تحت الوصف على جرد العداد في الظالمين ، {[54836]}فكيف وقد كانوا{[54837]} أظلم الظالمين ؟ والجملة الاسمية تدل على دوام ذلك عليهم في الدنيا إما باطناً بالاستدراج بالنعم ، وإما ظاهراً بإحلال النقم ، وفي الآخرة بدوام العذاب على مر{[54838]} الآباد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.