السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} (22)

{ ومن } أي : لا أحد { أظلم ممن ذكر بآيات ربه } أي : القرآن { ثم أعرض عنها } فلم يتفكر فيها ، وثم لاستبعاد الإعراض عنها مع فرط وضوحها وإرشادها إلى أسباب السعادة بعد التذكر بها عقلاً كما في بيت الحماسة :

وما يكشف الغماء إلا ابن حرة *** يرى غمرات الموت ثم يزورها

أي : لا يكشف الأمر العظيم إلا رجل كريم موصوف بما ذكر ، والغماء بتشديد الميم والمد أي : في مدة اقتحام الحرب ، والشاهد في قوله : ثم يزورها ، إذ المعنى أنه استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها { إنا من المجرمين } أي : الكافرين { منتقمون } وعبر بصيغة العظمة تنبيهاً على أن الذي يحصل لهم من العذاب لا يدخل تحت الوصف على مجرد العداد في الظالمين فكيف إذا كانوا أظلم الظالمين ، والجملة الاسمية تدل على دوام ذلك عليهم في الدنيا إما باطناً بالاستدراج بالنعم ، وأما ظاهراً بإحلال النقم وفي الآخرة بدوام العذاب على ممر الآباد .