غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} (22)

ثم بين أنهم إذا ذكروا بالدلائل من النعم أولاً والنقم ثانياً وهو العذاب الأدنى ثم لم يؤمنوا فلا أحد أظلم منهم . ومعنى { ثم } أنه ذكر مرات ثم بالآخرة { أعرض عنها } والفاء في سورة الكهف تدل على الإعراض عقيب التذكير وقد سبق . وقال أهل المعاني : " ثم " ههنا تدل على أن الإعراض بعد التذكير مستبعد في العقول . قال المحققون : الذي لا يحتاج في معرفة الله إلا إلى الله عدل كقوله { أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } [ فصلت : 53 ] كما قال بعضهم : ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله . والذي يحتاج في ذلك إلى دلائل الآفاق والأنفس متوسط ، والذي يقر عند الشدة ويجحد عند الرحمة ظالم كقوله { وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه }

[ الروم : 33 ] والذي يبقى على الجحود والإعراض وإن عذب فلا أظلم منه . وحين جعله أظلم كان ظالم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم ليدل على إصابة الأظلم منهم النصيب الأوفر من الانتقام . ولو قال " إنا منهم منتقمون " لم يكن بهذه الحيثية في الإفادة .

/خ30