معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ} (50)

قوله تعالى : { إن تصبك حسنة } ، نصرة وغنيمة ، { تسؤهم } ، تحزنهم ، يعني : المنافقين ، { وإن تصبك مصيبة } ، قتل وهزيمة ، { يقولوا قد أخذنا أمرنا } ، حذرنا ، أي : أخذنا بالحزم في القعود عن الغزو ، { من قبل } ، أي : من قبل هذه المصيبة ، { ويتولوا } ويدبروا { وهم فرحون } ، مسرورون بما نالك من المصيبة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ} (50)

وقوله : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ . . } بيان لنوع آخر من خبث نواياهم ، وسوء بواطنهم .

أى : " إن تصبك " يا محمد حسنة من نصر أو نعمة أو غنيمة - كما حدث يوم بدر - " تسؤهم " تلك الحسنة ، وتورثهم حزنا وغما ، بسبب شدة عداوتهم لك ولأصحابك .

{ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ } من هزيمة أو شدة - كما حدث يوم أحد - " يقولوا " باختيال وعجب وشماتة { يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ } .

أى : قد تلافينا ما يهمنا من الأمر بالحزم والتيقظ ، من قبل وقوع المصيبة التي حلت بالمسلمين ، ولم نلق بأيدينا إلى التهلكة كما فعل هؤلاء المسلمون .

وقوله : { وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } تصوير لحالهم ، ولما جبلوا عليه من شماتة بالملسمين .

أى : عندما تصيب المسلمين مصيبة أو مكروه ، ينصرف هؤلاء المنافقون إلى أهليهم وشيعتهم - والفرح يملأ جوانحهم - ليبشروهم بما نزل بالمسلمين من مكروه .

قال الجمل : فإن قلت : فلم قابل الله الحسنة بالمصيبة ، ولم يقابلها بالسيئة كما قال في سورة آل عمران : { وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا } قلت : لأن الخطاب هنا للنبى - صلى الله عليه وسلم - وهى في حقه مصيبة يثاب عليها ، ولا سيئة يعاتب عليها ، والتى في آل عمران خطاب للمؤمنين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ} (50)

إنهم لا يريدون بالرسول خيراً ولا بالمسلمين ؛ وإنهم ليسوؤهم أن يجد الرسول والمسلمون خيراً :

( إن تصبك حسنة تسؤهم ) . .

وإنهم ليفرحون لما يحل بالمسلمين من مصائب وما ينزل بهم من مشقة :

( وإن تصبك مصيبة يقولوا : قد أخذنا أمرنا من قبل ) . .

واحتطنا ألا نصاب مع المسلمين بشرّ ، وتخلفنا عن الكفاح والغزو !

( ويتولوا وهم فرحون ) . .

بالنجاة وبما أصاب المسلمين من بلاء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ} (50)

يعلم تبارك وتعالى نبيه بعداوة هؤلاء له ؛ لأنه مهما أصابه من { حَسَنَةٌ } أي : فتح ونصر وظفر على الأعداء ، مما يسره ويسر أصحابه ، ساءهم ذلك ، { وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ } أي : قد احترزنا من متابعته من قبل هذا ، { وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ} (50)

تتنزل هذه الجملة منزلة البيان لجملة { إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون } [ التوبة : 45 ] ، وما بين الجملتين استدلال على كذبهم في ما اعتذروا به وأظهروا الاستيذان لأجله ، وبُيِّن هنا أن تردّدهم هو أنّهم يخشون ظهور أمر المسلمين ، فلذلك لا يصارحونهم بالإعراض ويودّون خيبة المؤمنين ، فلذلك لا يحبّون الخروج معهم .

والحسنة : الحَادثة التي تحسُن لمن حلَّت به واعترتْه . والمراد بها هنا النصر والغنيمة .

والمصيبة مشتقّة من أصاب بمعنى حَلَّ ونال وصادف ، وخصت المصيبة في اللغة بالحادثة التي تعتري الإنسان فتسُوءه وتُحزنه . ولذلك عبّر عنها بالسيئة في قوله تعالى ، في سورة آل عمران ( 120 ) : { إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها } والمراد بها الهزيمة في الموضعين ، وقد تقدّم ذلك في قوله تعالى : { ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة } في سورة الأعراف ( 95 ) .

وقولهم : { قد أخذنا أمرنا من قبل } ابتهاج منهم بمصادفة أعمالهم ما فيه سلامتهم فيزعمون أنّ يقظَتهم وحزمهم قد صادفا المحَز ، إذ احتاطوا له قبل الوقوع في الضرّ .

والأخذُ حقيقته التناول ، وهو هنا مستعار للاستعداد والتلافي .

والأمر الحال المهمّ صاحبه ، أي : قد استعددنا لما يهمّنا فلم نقع في المصِيبة .

والتولّي حقيقته الرجوع ، وتقدم في قوله تعالى : { وإذا تولى سعى في الأرض } في سورة البقرة ( 205 ) . وهو هنا تمثيل لحالهم في تخلّصهم من المصيبة ، التي قد كانت تحل بهم لو خرجوا مع المسلمين ، بحال من أشرفوا على خطر ثم سلموا منه ورجعوا فارحين مسرورين بسلامتهم وبإصابة أعدائهم .