فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ} (50)

قوله : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ } أيّ : حسنة كانت بأيّ سبب اتفق ، كما يفيده وقوعها في حيز الشرط ، وكذلك القول في المصيبة ، وتدخل الحسنة والمصيبة الكائنة في القتال كما يفيده السياق دخولاً أوّلياً ، فمن جملة ما تصدق عليه الحسنة : الغنيمة والظفر . ومن جملة ما تصدق عليه المصيبة : الخيبة والانهزام ، وهذا ذكر نوع آخر من خبث ضمائر المنافقين وسوء أفعالهم ، والإخبار بعظيم عدوانهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، فإن المساءة بالحسنة ، والفرح بالمصيبة من أعظم ما يدلّ على أنهم في العداوة قد بلغوا إلى الغاية ، ومعنى { يتَوَلَّوْاْ } : [ رجعوا ] إلى أهلهم عن مقامات الاجتماع ، ومواطن التحدّث حال كونهم فرحين بالمصيبة التي أصابت المؤمنين ، ومعنى قولهم : { قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ } أي : احتطنا لأنفسنا ، وأخذنا بالحزم ، فلم نخرج إلى القتال كما خرج المؤمنون حتى نالهم ما نالهم من المصيبة .

/خ57