إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ} (50)

{ إِن تُصِبْكَ } في بعض مغازيك { حَسَنَةٌ } من الظَفَر والغنيمة { تَسُؤْهُمْ } تلك الحسنةُ أي الحسنةُ أي تورِثُهم مساءةً لفرط حسَدِهم وعداوتهم لك { وَإِن تُصِبْكَ } في بعضها { مصِيبَةٌ } من نوع شدة { يَقُولُواْ } متبجّحين بما صنعوا حامدين لآرائهم { قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا } أي تلافَيْنا ما يُهمّنا من الأمر ، يعنون به الاعتزالَ عن المسلمين والقعودَ عن الحرب والمداراةَ مع الكفرة وغيرَ ذلك من أمور الكفر والنفاقِ قولاً وفعلاً { مِن قَبْلُ } أي من قبلِ إصابةِ المصيبة في وقت تدارُكِه ، يشيرون بذلك إلى أن المعاملةَ المذكورةَ إنما تروّج عند الكفرةِ بوقوعها حالَ قوةِ الإسلامِ لا بعد إصابةِ المصيبة { وَيَتَوَلَّواْ } عن مجلس الاجتماعِ والتحدثِ إلى أهاليهم أو يُعرِضوا عن النبي صلى الله عليه وسلم { وهُمْ فَرِحُونَ } بما صنعوا من أخذ الأمرِ وبما أصابه عليه الصلاة والسلام ، والجملة حالٌ من الضمير في ( يقولوا ) و ( يتولوا ) لا في الأخير فقط ، لمقارنة الفرَحِ لهما معاً ، وإيثارُ الجملةِ الاسمية للدِلالة على دوام السرورِ ، وإسنادُ المَساءة إلى الحسنة والمَسرَّة إلى أنفسهم دون المصيبة بأن يقال : وإن تُصِبْك مصيبةٌ تَسْرُرْهم للإيذان باختلاف حاليهم حالتي عروضِ المَساءة والمسرةِ بأنهم في الأولى مضطرون وفي الثانية مختارون .