معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

قوله تعالى : { فبشرناه بغلام حليم } قيل : بغلام في صغره ، حليم في كبره ، ففيه بشارة أنه نبي وأنه يعيش فينتهي في السن حتى يوصف بالحلم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

وأجاب الله - تعالى - دعاء عبده إبراهيم ، كما حكى ذلك فى قوله : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ } .

أى : فاستجبنا لإِبراهيم دعاءه فبشرناه على لسان ملائكتنا بغلام موصوف بالحلم وبمكارم الأخلاق .

قال صاحب الكشاف : - وقد انطوت البشارة على ثلاثة : على أن الولد غلام ذكر ، وأنه يبلغ أوان الحلم ، وأنه يكون حليما .

وهذا الغلام الذى بشره الله - تعالى - به . المقصود به هنا إسماعيل - عليه السلام - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

69

واستجاب الله دعاء عبده الصالح المتجرد ، الذي ترك وراءه كل شيء ، وجاء إليه بقلب سليم . .

( فبشرناه بغلام حليم ) . .

هو إسماعيل - كما يرجح سياق السيرة والسورة - وسنرى آثار حلمه الذي وصفه ربه به وهو غلام . ولنا أن نتصور فرحة إبراهيم الوحيد المفرد المهاجر المقطوع من أهله وقرابته . لنا أن نتصور فرحته بهذا الغلام ، الذي يصفه ربه بأنه حليم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

قال الله تعالى : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ } وهذا الغلام هو إسماعيل عليه السلام ، فإنه أولُ ولد بشر به إبراهيم ، عليه السلام ، وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب ، بل في نص كتابهم أن إسماعيل وُلِدَ ولإبراهيم ، عليه السلام ، ست وثمانون سنة ، وولد إسحاق وعمْر إبراهيم تسع وتسعون سنة . وعندهم أن الله تعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده ، وفي نسخة : بكْره ، فأقحموا هاهنا كذبا وبهتانا " إسحاق " ، ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم ، وإنما أقحموا " إسحاق " لأنه أبوهم ، وإسماعيل أبو العرب ، فحسدوهم ، فزادوا ذلك وحَرّفوا وحيدك ، بمعنى الذي ليس عندك غيره ، فإن إسماعيل كان ذهب به وبأمه إلى جنب{[25027]} مكة وهذا تأويل وتحريف باطل ، فإنه لا يقال : " وحيد " إلا لمن ليس له غيره ، وأيضا فإن أول ولد له معزة ما ليس لمن بعده من الأولاد ، فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار .

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق ، وحكي ذلك عن طائفة من السلف ، حتى نقل عن بعض الصحابة أيضا ، وليس ذلك في كتاب ولا سنة ، وما أظن ذلك تُلقى إلا عن أحبار أهل الكتاب ، وأخذ ذلك مسلما من غير حجة . وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل ، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم ، وذكر أنه الذبيح ، ثم قال بعد ذلك : { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } . ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا : { إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } [ الحجر : 53 ] . وقال تعالى : { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [ هود : 71 ] ، أي : يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب ، فيكون من ذريته عقب ونسل . وقد قدمنا هناك أنه لا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير ؛ لأن الله [ تعالى ]{[25028]} قد وعدهما بأنه سيعقب ، ويكون له نسل ، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرا ، وإسماعيل وصف هاهنا بالحليم ؛ لأنه مناسب لهذا المقام .


[25027]:- في ت: "حيث".
[25028]:- (2) زيادة في ت.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

ولقوله : { فبشرناه بغلام حليم } بشره بالولد وبأنه ذكر يبلغ أوان الحلم ، فإن الصبي لا يوصف بالحلم ويكون حليما وأي حلم مثل حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح وهو مراهق فقال { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } وقيل ما نعت الله نبيا بالحلم لعزة وجوده غير إبراهيم وابنه عليهما الصلاة والسلام ، وحالهما المذكورة بعد تشهد عليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

الفاء في { فبشَّرناهُ } للتعقيب ، والبشارة : الإِخبار بخير وارد عن قرب أو على بعد ؛ فإن كان الله بشّر إبراهيم بأنه يولد له ولد أو يوجد له نسل عقب دعائه كما هو الظاهر وهو صريح في سفر التكوين في الإصحاح الخامس عشر فقد أخبره بأنه استجاب له وأنه يهبه ولداً بعد زمان ، فالتعقيب على ظاهره ؛ وإن كان الله بشره بغلام بعد ذلك حين حملت منه هاجر جاريته بعد خروجه بمدة طويلة ، فالتعقيب نسبي ، أي بشرناه حين قدّرنا ذلك أول بشارة بغلام فصار التعقيب آئلاً إلى المبادرة كما يقال : تزوج فولد له ؛ وعلى الاحتمالين فالغلام الذي بشر به هو الولد الأول الذي ولد له وهو إسماعيل لا محالة .

والحليم : الموصوف بالحلم وهو اسم يجمع أصالة الرأي ومكارم الأخلاق والرحمة بالمخلوق . قيل : ما نَعَتَ الله الأنبياء بأقلّ مما نعتهم بالحلم .

وهذا الغلام الذي بشر به إبراهيم هو إسماعيل ابنه البكر وهذا غير الغلام الذي بشره به الملائكة الذين أرسلوا إلى قَوم لوط في قوله تعالى : { قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم } [ الذاريات : 28 ] فذلك وُصف بأنه { عليم } . وهذا وصُف ب { حَلِيمٍ . } وأيضاً ذلك كانت البشارة به بمحضر سَارَة أمِّه وقد جُعلت هي المبشرة في قوله تعالى : { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت : { يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً } [ هود : 72 ] ، فتلك بشارة كرامة والأولى بشارة استجابة دعائه ، فلما ولد له إسماعيل تحقق أمل إبراهيم أن يكون له وارث من صلبه .

فالبشارة بإسماعيل لما كانت عقب دعاء إبراهيم أن يهب الله له من الصالحين عطفت هنا بفاء التعقيب ، وبشارته بإسحاق ذكرت في هذه السورة معطوفة بالواو عطف القصة على القصة .