والفاء فى قوله - تعالى - بعد ذلك : { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المؤمنين فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المسلمين } هى الفصيحة ، لأنها قد أفصحت عن كلام محذوف .
والمعنى : ففارق الملائكة إبراهيم ذاهبين إلى قوم لوط لإهلاكهم وجرى بينهم وبين لوط - عليه السلام - ما جرى ثم أخذوا فى تنفيذ ما كلفناهم به ، فأخرجنا - بفضلنا ورحمتنا - من كان فى قرية لوط من المؤمنين دون أن يمسهم عذابنا ، فما وجدنا فى تلك القرية غير أهل بيت واحد من المسلمين ، أما بقية سكان هذه القرية فقد دمرناهم تدميرا .
ووصف - سبحانه - الناجين من العذاب - وهم لوط وأهل بيته إلا امرأته - بصفتى الإيمان والإسلام ، على سبيل المدح لهم ، أى : أنهم كانوا مصدقين بقلوبهم ، ومنقادين لأحكام الله - تعالى - بجوارحهم .
قال ابن كثير : احتج بهاتين الآيتين من ذهب إلى رأى المعتزلة ، ممن لا يفرقون بين معنى الإيمان ، والإسلام ، لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين وهذا الاستدلال ضعيف ، لأن هؤلاء كانوا قوما مؤمنين ، وعندنا أن كل مؤمن مسلم ولا ينعكس ، فاتفق الاسمان هنا لخصوصية الحال ، ولا يلزم ذلك فى كل حال .
{ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } احتج بهذه [ الآية ] {[27446]} من ذهب إلى رأي المعتزلة ، ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام ؛ لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين . وهذا الاستدلال ضعيف ؛ لأن هؤلاء كانوا قوما مؤمنين ، وعندنا أن كل مؤمن مسلم لا ينعكس ، فاتفق الاسمان هاهنا لخصوصية الحال ، ولا يلزم ذلك في كل حال .
ثم لما ذكر حال الموحدين ذكرهم بالصفة التي كانوا عليها ، وهي الكاملة التصديق والأعمال ، والبيت من المسلمين : هو بيت لوط ، وكان هو وابنتاه ، وقيل وبنته . وفي كتاب الثعلبي : وقيل لوط وأهل بيته ثلاثة عشر ، وهلكت امرأته فيمن هلك ، وهذه القصة بجملتها ذكرت على جهة المثال لقريش . أي أنهم إذا كفروا وأصابهم مثل ما أصاب هؤلاء المذكورين .
تفريع { فما وجدنا } تفريع خبر على خبر ، وفعل { وجدنا } معنى علمنا لأن ( وجد ) من أخوات ( ظن ) فمفعوله الأول قوله : { من المسلمين } و ( من ) مزيدة لتأكيد النفي وقوله : { فيها } في محل المفعول الثاني .
وإنما قال : { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } دون أن يقول : فأخرجنا لوطاً وأهل بيته قصداً للتنويه بشأن الإِيمان والإِسلام ، أي أن الله نجّاهم من العذاب لأجل إيمانهم بما جاء به رسولهم لا لأجل أنهم أهل لوط ، وأن كونهم أهل بيت لوط لأنهم انحصر فيهم وصف { المؤمنين } في تلك القرية ، فكان كالكلي الذي انحصر في فرد معين .
والمؤمن : هو المصدق بما يجب التصديق به . والمسلم المنقاد إلى مقتضى الإِيمان ولا نجاة إلا بمجموع الأمرين ، فحصل في الكلام مع التفنن في الألفاظ الإِشارة إلى التنويه بكليهما وإلى أن النجاة باجتماعهما .
والآية تشير إلى أن امرأة لوط كانت تظهر الانقياد لزوجها وتضمر الكفر وممالأة أهل القرية على فسادهم ، قال تعالى : { ضرب اللَّه مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما } [ التحريم : 10 ] الآية ، فبيت لوط كان كله من المسلمين ولم يكن كله من المؤمنين فلذلك لم ينج منهم إلا الذين اتصفوا بالإِيمان والإِسلام معاً .
والوجدان في قوله : { فما وجدنا } مراد به تعلّق علم الله تعالى بالمعلوم بعد وقوعه وهو تعلق تنجيزي ، ووجدان الشيء إدراكه وتحصيله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.