الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَمَا وَجَدۡنَا فِيهَا غَيۡرَ بَيۡتٖ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (36)

" فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " يعني لوطا وبنتيه وفيه إضمار ، أي فما وجدنا فيها غير أهل بيت . وقد يقال بيت شريف يراد به الأهل . وقوله : " فيها " كناية عن القرية ولم يتقدم لها ذكر ؛ لأن المعنى مفهوم . وأيضا فقوله تعالى : " إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين " يدل على القرية ؛ لأن القوم إنما يسكنون قرية . وقيل : الضمير فيها للجماعة . والمؤمنون والمسلمون ها هنا سواء فجنس اللفظ لئلا يتكرر ، كما قال : " إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله{[14240]} " [ يوسف : 86 ] . وقيل : الإيمان تصديق القلب ، والإسلام الانقياد بالظاهر ، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا . فسماهم في الآية الأولى مؤمنين ؛ لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم . وقد مضى الكلام في هذا المعنى في " البقرة{[14241]} " وغيرها . وقوله : " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا " [ الحجرات : 14 ] يدل على الفرق بين الإيمان والإسلام ، وهو مقتضى حديث جبريل عليه السلام في صحيح مسلم وغيره . وقد بيناه في غير موضع .


[14240]:راجع جـ 9 ص 82 وص 79 وص 215.
[14241]:راجع جـ 1 ص 193.