فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَمَا وَجَدۡنَا فِيهَا غَيۡرَ بَيۡتٖ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (36)

{ فما وجدنا فيها } أي في قرى قوم لوط ، وهي وإن لم تذكر لكن دل عليها السياق .

{ غير بيت من المسلمين } أي غير أهل بيت ، يقال بيت شريف ويراد به أهله ، قيل : وهم أهل بيت لوط ، وقال مجاهد : لوط وابنتاه ، وعن سعيد بن جبير قال كانوا ثلاثة عشر ونحوه قال الأصفهاني والإسلام الانقياد والاستسلام لأمر الله سبحانه فكل مؤمن مسلم ، ومن ذلك قوله : { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ، ولكن قولوا أسلمنا } وقد أوضح الفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإسلام والإيمان في الحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما من طرق أنه سئل عن الإسلام فقال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان ، وسئل عن الإيمان فقال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره " {[1537]} فالمرجع في الفرق بينهما هو الذي قاله الصادق المصدوق ولا التفات إلى غيره مما قاله أهل العلم في رسم كل واحد منهما برسوم مضطربة مختلفة مختلة متناقضة .

وأما ما في الكتاب العزيز من اختلاف مواضع استعمال الإسلام والإيمان فذلك باعتبار المعاني اللغوية ، والاستعمالات العربية ، والواجب تقديم الحقيقة الشرعية على اللغوية ، والحقيقة الشرعية هي هذه التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأجاب سؤال السائل له عن ذلك بها ، قال الكرخي : فيه إشارة إلى ما قاله الخطابي وغيره ، أن المسلم قد يكون مؤمنا ، وقد لا يكون والمؤمن مسلم دائما فهو أخص ، وبهذا يستقيم تأويل الآيات والأحاديث


[1537]:رواه مسم.