فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَمَا وَجَدۡنَا فِيهَا غَيۡرَ بَيۡتٖ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (36)

{ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ المسلمين } أي غير أهل بيت . يقال : بيت شريف ويراد به أهله ، قيل : وهم أهل بيت لوط ، والإسلام : الانقياد والاستسلام لأمر الله سبحانه ، فكل مؤمن مسلم ، ومن ذلك قوله : { قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } [ الحجرات : 14 ] وقد أوضح الفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإسلام والإيمان في الحديث في الصحيحين ، وغيرهما الثابت من طرق أنه سئل عن الإسلام ، فقال : «أن تشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت ، وتصوم رمضان » ، وسئل عن الإيمان ، فقال : «أن تؤمن بالله ، وملائكته وكتبه ورسله ، والقدر خيره وشرّه » ، فالمرجع في الفرق بينهما هو هذا الذي قاله الصادق المصدوق ، ولا التفات إلى غيره مما قاله أهل العلم في رسم كل واحد منهما برسوم مضطربة مختلفة مختلة متناقضة ، وأما ما في الكتاب العزيز من اختلاف مواضع استعمال الإسلام والإيمان ، فذلك باعتبار المعاني اللغوية والاستعمالات العربية ، والواجب تقديم الحقيقة الشرعية على اللغوية ، والحقيقة الشرعية هي هذه التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأجاب سؤال السائل له عن ذلك بها .

/خ37