معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ثم بين - سبحانه - أن هؤلاء المشركين هم أشد الناس ظلما للحق ، وأنه - سبحانه - سيظهره لا محالة ، رضوا بذلك أم كرهوا وأن هذا الدين سيظهره الله - تعالى - على بقية الأديان ، مهما كره الكافرون . فقال - تعالى - : { وَمَنْ أَظْلَمُ . . . } .

الاستفهام فى قوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله الكذب } للإنكار والنفى . والافتراء : اختلاق الكذب واختراعه من جهة الشخص دون أن يكون له أساس من الصحة ، وقوله : { وَهُوَ يدعى إِلَى الإسلام } جملة حالية .

أى : ولا أحد أشد ظلما من إنسان يختلق الكذب من عند نفسه على دين الله - تعالى - وشريعته ، والحال أن هذا الإنسان يدعوه الداعى إلى الدخول فى دين الإسلام الذى لا يرتضى الله - تعالى - سواه دينا .

{ والله } - تعالى - { لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } إلى ما فيه فلاحهم ، لسوء استعدادهم ، وإيثارهم الباطل على الحق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ويبدو أن الآيات التالية في السورة جاءت على الأكثر بصدد استقبال بني إسرائيل - اليهود والنصارى - للنبي الذي بشرت به كتبهم . والتنديد بهذا الاستقبال ، وكيدهم للدين الجديد الذي قدر الله أن يظهره على الدين كله ، وأن يكون هو الدين الأخير !

فلما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين . ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام ? والله لا يهدي القوم الظالمين ، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، والله متم نوره ولوكره الكافرون . هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . .

ولقد وقف بنو إسرائيل في وجه الدين الجديد وقفة العداء والكيد والتضليل ، وحاربوه بشتى الوسائل والطرق حربا شعواء لم تضع أوزارها حتى اليوم . حاربوه بالاتهام : ( فلما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين ) . . كما قال الذين لا يعرفون الكتب ولا يعرفون البشارة بالدين الجديد . وحاربوه بالدس والوقيعة داخل المعسكر الإسلامي ، للإيقاع بين المهاجرين والأنصار في المدينة ، وبين الأوس والخزرج من الأنصار . وحاربوه بالتآمر مع المنافقين تارة ومع المشركين تارة . وحاربوه بالانضمام إلى معسكرات المهاجمين كما وقع في غزوة الأحزاب . وحاربوه بالإشاعات الباطلة كما جرى في حديث الإفك على يد عبدالله بن أبي بن سلول ، ثم ما جرى في فتنة عثمان على يد عدو الله عبدالله بن سبأ . وحاربوه بالأكاذيب والإسرائيليات التي دسوها في الحديث وفي السيرة وفي التفسير - حين عجزوا عن الوضع والكذب في القرآن الكريم .

ولم تضع الحرب أوزارها لحظة واحدة حتى اللحظة الحاضرة . فقد دأبت الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على الكيد للإسلام ، وظلتا تغيران عليه أو تؤلبان عليه في غير وناة ولا هدنة في جيل من الأجيال . حاربوه في الحروب الصليبية في المشرق ، وحاربوه في الأندلس في المغرب ، وحاربوه في الوسط في دولة الخلافة الأخيرة حربا شعواء حتى مزقوها وقسموا تركة ما كانوا يسمونه " الرجل المريض " . . واحتاجوا أن يخلقوا أبطالا مزيفين في أرض الإسلام يعملون لهم في تنفيذ أحقادهم ومكايدهم ضد الإسلام . فلما أرادوا تحطيم " الخلافة " والإجهاز على آخر مظهر من مظاهر الحكم الإسلامي صنعوا في تركيا " بطلا " ! . . ونفخوا فيه . وتراجعت جيوش الحلفاء التي كانت تحتل الأستانة أمامه لتحقق منه بطلا في أعين مواطنيه . بطلا يستطيع إلغاء الخلافة ، وإلغاء اللغة العربية وفصل تركيا عن المسلمين ، وإعلانها دولة مدنية لا علاقة لها بالدين ! وهم يكررون صنع هذه البطولات المزيفة كلما أرادوا أن يضربوا الإسلام والحركات الإسلامية في بلد من بلاد المسلمين ، ليقيموا مكانه عصبية غير عصبية الدين ! وراية غير راية الدين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

يقول تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإسْلامِ } أي : لا أحد أظلم ممن يفتري الكذب على الله{[28794]} ويجعل له أندادا وشركاء ، وهو يدعى إلى التوحيد والإخلاص ؛ ولهذا قال : { وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } .


[28794]:- (3) في م: "يفتري على الله الكذب".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

{ ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام } أي لا أحد أظلم ممن يدعي إلى الإسلام الظاهر حقيته المقتضي له خبر الدارين فيضع موضع إجابته الافتراء على الله بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحرا فإنه يعم إثبات المنفي ونفي الثابت ، وقرئ يدعي يقال دعاه وادعاه كلمسه والتمسه ، { والله لا يهدي القوم الظالمين } لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

وقرأ الجمهور : «يُدعى » على بناء الفعل للمفعول ، وقرأ طلحة بن مصرف «يدعي » بمعنى ينتمي وينتسب ومن ذلك قول الشاعر [ ساعدة بن عجلان الهذلي ] : [ الكامل ]

فرميت فوق ملاءة محبوكة . . . وأبنت للأشهاد حزة أدعي{[11077]}

والمعنى على هذه القراءة إنما هو إشارة إلى الأنبياء عليهم السلام لما حكي عن الكفار أنهم قالوا : «هذا ساحر » ، بين بعد ذلك أن العقل لا يقبله ، أي وهل أظلم من هذا الذي يزعم أنه نبي ويدعي إلى الإسلام وهو مع ذلك مفتر على ربه وهذا دليل واضح لأن مسالك أهل الافتراء والمخرقة{[11078]} إنما هي دون هذا وفي أمور خسيسة ، وضبط النقاش هذه القراءة «يُدَّعى » بضم الياء وفتح الدال المشددة على ما لم يسم فاعله .


[11077]:قال هذا البيت ساعدة بن العجلان الهذلي يرثي أخاه مسعودا حين قتله ضمرة بن بكر، وهو من قصيدة مطلعها: لما سمعت دعاء ضمرة فيهم وذكرت مسعودا تبادر أدمعي المُلاءة: المِلحفة، ومحبوكة: مشدودة محكمة، وأبنت للأشهاد: أعلنت للملأ والحضور، وحزة: حين، وأدّعي: انتسب، يقول: إنه رمى هذه الرمية فأصابت الملاءة المحبوكة على عدوه، وإنه أعلن عن نفسه بقوله: خذها وأنا ابن فلان، والشاهد هنا أن "أدّعي" بمعنى: انتسب وأنتمي.
[11078]:المخرقة: الاختلاق والافتراء، قال أبو الهيثم:"الاختراق والاختلاق والاختلاص والافتراء واحد".