فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

{ ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين ( 7 ) يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ( 8 ) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ( 9 ) } .

دعا موسى كليمنا قومه إلى الإسلام فأبى أكثرهم إلا كفورا ، ودعا عيسى – عبدنا ورسولنا- بني إسرائيل إلى الإسلام فقال أكثرهم : هذا سحر مبين ؛ فإذا دعوت يا محمد إلى الإسلام فرماك الملأ من قومك بالسحر والجنون فلا تك في ضيق مما يمكرون ، واصبر إن وعد الله حق { . . ولا يستخفنك الذين لا يوقنون }{[6706]} { . . فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون }{[6707]} ، ويشهد لما قلنا من أن دعوة موسى عليه الصلاة والسلام كانت إلى الإسلام قول الله تعالى الحق : { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين }{[6708]} ؛ كما أن دعوة المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام كانت الإسلام : { فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون }{[6709]} ؛ فأي الناس أشد بغيا وجورا ، وعدوانا وظلما ، ممن يقابل الصدق بالزور والبهتان ، وينادي لنيل السعادة فيصر على الجحود والنكران ، بل يتقول على الله تعالى ما لم يقل ، ويخفى من الإسلام ما لا يهوى من رشد وإيمان ، وبر وإحسان ؟ ! إن هؤلاء إلا أظلم الظلام ، فكان حقا على الله سبحانه أن يخذلهم فيستحوذ عليهم الشيطان ؛ - { لا يهدي . . . } من كان في حكمه أنه يختم له بالضلالة-{[6710]} .


[6706]:- سورة الروم. من الآية 60.
[6707]:- سورة الأنعام. من الآية 33.
[6708]:- سورة يونس. الآية 84.
[6709]:- سورة آل عمران. الآية 52.
[6710]:- ما بين العارضتين مما أورد القرطبي.