اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

قوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله الكذب } أي : لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب .

قوله : { وَهُوَ يدعى إِلَى الإسلام } جملة حالية من فاعل : «افْتَرَى » ، وهذه قراءة العامة{[56439]} .

وقرأ طلحة{[56440]} : «يدَّعي » - بفتح الياء والدال مشددة - مبنياً للفاعل .

وفيها تأويلان{[56441]} :

أحدهما : قاله الزمخشري ، وهو أن يكون «يفتعل » بمعنى : «يفعل » نحو : «لمسه والتمسه »{[56442]} .

والضميران ، أعني : «هو » ، والمستتر في : «يدعى » لله تعالى ، وحينئذ تكون القراءتان بمعنى واحد ، كأنه قيل : والله يدعو إلى الإسلام .

وفي القراءة الأولى يكون الضَّميران عائدين على «من » .

والثاني : أنه من ادّعى كذا دعوى ، ولكنه لما ضمن يدّعي معنى ينتمي وينتسب عُدِّي باللام ؛ وإلا فهو متعدٍّ بنفسه .

وعلى هذا الوجه فالضميران ل «من » أيضاً ، كما هما في القراءة المشهورة .

وعن طلحة : «يُدَّعى »{[56443]} - مشدد الدال - مبنياً للمفعول .

وخرجها الزمخشري على ما تقدم من : ادَّعاه ودعاه بمعنى : لمسه والتمسه .

والضميران عائدان على «من » عكس ما تقدم عنده في تخريج القراءة الأولى ، فإن الضميران لله ، كما تقدم تحريره .

وهذا تعجب ممن كفر بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم بعد المعجزات التي ظهرت لهما{[56444]} ، ثم قال : { والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } أي : من كان في حكمه أن يختم له بالضلالة والغي{[56445]} .


[56439]:ينظر السابق.
[56440]:ينظر: المحرر الوجيز 5/303، والبحر المحيط 8/259، والدر المصون 6/311.
[56441]:الدر المصون 6/311.
[56442]:ينظر: الكشاف 4/525.
[56443]:ينظر: الكشاف 4/525، والمحرر الوجيز 5/303، والبحر المحيط 8/259، والدر المصون 6/311.
[56444]:ينظر: القرطبي 18/56.
[56445]:السابق.