معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

قوله تعالى : { قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا } أعرضوا عن طاعتهما .

قوله تعالى : { فإن الله لا يحب الكافرين } لا يرضى فعلهم ، ولا يغفر لهم .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا احمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا محمد بن سنان ، أنا فليح ، أنا هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا ومن يأبى ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا احمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد إسماعيل ، أنا محمد بن عبادة ، أنا يزيد ، أنا سليمان بن حيان وأثنى عليه ، أنا سعيد بن ميناء قال : حدثنا ، أو سمعت جابر بن عبد الله يقول : جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم . فقال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلاً فاضربوا له مثلاً ، فقالوا : مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعياً ، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة ، فقالوا : أولوها له يفقهها ؟ فقال بعضهم : إنه نائم . وقال بعضهم : العين نائمة والقلب يقظان . فقالوا : أما الدار الجنة ، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم ، فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله ، ومن عصى محمداً فقد عصى الله ، ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

ثم كرر - سبحانه - الأمر لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحض الناس على اتباع ما يسعدهم فقال له : { قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول } .

أى قل لهم يا محمد أطيعوا الله وأطيعوا رسوله في جميع الأوامر والنواهى ، وإن من يدعي أنه مطيع لله دون أن يتبع رسوله فإنه يكون كاذبا في دعواه ، ولذا لم يقل - سبحانه - أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، للإشعار بأن الطاعة واحدة وأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لله تعالى ، كما قال سبحانه : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } ثم ذكر - سبحانه - عاقبة العصاة المعاندين فقال : { فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين } أى : فإن أعرضوا عما تأمرهم به يا محمد ولم يستجيبوا لك واستمروا على كفرهم ، فإنهم لا ينالون محبة الله ، لأنهم كافرون .

ففى هذه الجملة الكريمة دلالة على أن محبة الله لا ينالها إلا من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه - سبحانه - نفى حبه عن الكافرين ، ومتى نفى حبه عنهم فقد أثبت بغضه ، و لأنه عبر عن تركهم اتباع رسوله بالتولي وهو أفحش أنواع الإعراض ، ومن أعرض عن طاعة رسول الله كان بعيداً عن محبة الله .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ساقت للناس من التوجيهات السامية ، والآداب العالية ما من شأنه أن يغرس في النفوس إخلاص العبادة لله ، والخشية من عقابه ، والأمل في ثوابه ، والإكثار من العلم الصالح الذى يؤدى إلى رضا الله ومحبته .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

18

ويقول عن الآية الثانية : ( قل أطيعوا الله والرسول . فإن تولوا ) . . أي تخالفوا عن أمره ( فإن الله لا يحب الكافرين ) . . فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر ، والله لا يحب من اتصف بذلك ، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله . .

ويقول الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية في كتابه : " زاد المعاد في هدى خير العباد " :

" ومن تأمل في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له [ ص ] بالرسالة وأنه صادق ، فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام . . علم أن الإسلام أمر وراء ذلك ، وأنه ليس مجرد المعرفة فقط . ولا المعرفة والإقرار فقط . بل المعرفة والإقرار والانقياد والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا . . "

إن هذا الدين له حقيقة مميزة لا يوجد إلا بوجودها . . حقيقة الطاعة لشريعة الله ، والاتباع لرسول الله ، والتحاكم إلى كتاب الله . . وهي الحقيقة المنبثقة من عقيدة التوحيد كما جاء بها الإسلام . توحيد الألوهية التي لها وحدها الحق في أن تعبد الناس لها ، وتطوعهم لأمرها ، وتنفذ فيهم شرعها ، وتضع لهم القيم والموازين التي يتحاكمون إليها ويرتضون حكمها . ومن ثم توحيد القوامة التي تجعل الحاكمية لله وحده في حياة البشر وارتباطاتها جميعا ، كما أن الحاكمية لله وحده في تدبير أمر الكون كله . وما الإنسان إلا قطاع من هذا الكون الكبير .

وهذا الدرس الأول من السورة يقرر هذه الحقيقة - كما رأينا - في صورة ناصعة كاملة شاملة ، لا مهرب من مواجهتها والتسليم بها لمن شاء أن يكون مسلما . إن الدين عند الله الإسلام . . وهذا - وحده - هو الإسلام كما شرعه الله ، لا كما تصوره المفتريات والأوهام . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

ثم قال آمرًا لكل أحد من خاص وعام : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا } أي : خالفوا عن أمره { فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر ، والله لا يحب من اتصف بذلك ، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه يحب الله ويتقرب إليه ، حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل ، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس{[4945]} الذي لو كان الأنبياء - بل المرسلون ، بل أولو العزم منهم - في زمانه لما وسعهم إلا اتباعه ، والدخول في طاعته ، واتباع شريعته ، كما سيأتي تقريره عند قوله : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ } الآية [ آل عمران : 31 ] [ إن شاء الله تعالى ]{[4946]} .


[4945]:في جـ: "الإنس والجن".
[4946]:زيادة من و.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرّسُولَ فإِن تَوَلّوْاْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْكَافِرِينَ }

يعني بذلك جل ثناؤه : قل يا محمد لهؤلاء الوفد من نصارى نجران : أطيعوا الله والرسول محمدا ، فإنكم قد علمتم يقينا أنه رسولي إلى خلقي ابتعثته بالحق تجدونه مكتوبا عندكم في الإنجيل ، { فإنْ تَوَلّوْا } فاستدبروا عما دعوتهم إليه من ذلك ، وأعرضوا عنه ، فأعلمهم أن الله لا يحب من كفر بجحد ما عرف من الحق ، وأنكره بعد علمه ، وأنهم منهم بجحودهم نبوّتك وإنكارهم الحقّ الذي أنت عليه بعد علمهم بصحة أمرك وحقيقة نبوّتك . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : { قُلْ أطِيعُوا اللّهَ وَالرّسُولَ } فأنتم تعرفونه يعني الوفد من نصارى نجران وتجدونه في كتابكم . { فَإِنْ تَوَلّوْا } على كفرهم ، { فإِنّ اللّهَ لا يحِبّ الْكَافِرِينَ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

وذهب الطبري إلى أن قوله : { قل أطيعوا الله والرسول } خطاب لنصارى نجران وفي قوله : { فإن الله لا يحب الكافرين } وعيد ، ويحتمل أن يكون بعد الصدع بالقتال .