روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

وروى محمد بن إسحق عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : «نزلت في نصارى نجران وذلك أنهم قالوا : إنما نعظم المسيح ونعبده حباً لله تعالى وتعظيماً له فأنزل الله هذه الآية رداً عليهم » يروى أنها لما نزلت قال عبد الله بن أبيّ إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله تعالى ويأمرنا أن نحبه كما أحب النصارى عيسى فنزل قوله تعالى :{ قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول } أي في جميع الأوامر والنواهي ويدخل في ذلك الأمر السابق دخولاً أولياً ، وإيثار الإظهار على الإضمار بطريق الالتفات لتعيين حيثية الإطاعة والإشعار بعلتها ، وفيه إشارة إلى ردّ شبهة المنافق كأنه يقول : إنما أوجب الله تعالى عليكم متابعتي لا لما يقول النصارى في عيسى بل لكوني رسول الله { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي أعرضوا أو تعرضوا على أن تكون إحدى التائين محذوفة في كون حينئذ داخلاً في حيز المقول وفي ترك ذكر احتمال الإطاعة تلويح إلى أنها غير محتملة منهم { فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين } أي لا يقربهم أو لا يرضى عنهم بل يبعدهم عن جوار قدسه وحظائر عزه ويسخط عليهم يوم رضاه عن المؤمنين . والمراد من الكافرين من تولى ولم يعبر بضميرهم للإيذان بأن التوالي عن الطاعة كفر وبأن محبته عز وجل مخصوصة بالمؤمنين لأن نفيها عن هؤلاء الكفار المستلزم لنفيها عن سائرهم لاشتراك العلة يقتضي الحصر في ضدهم .

( هذا ومن باب الإشارة ) :{ قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول } فإن المريد يلزمه متابعة المراد { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي فإن أعرضوا فهم كفار منكرون محجوبون { فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين } [ آل عمران : 32 ] لقصور استعدادهم عن ظهور جماله فيهم .