قوله : { قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ } الآية قيل : إنه لما نزلت هذه الآية ، قال عبد الله بن أبي لأصحابه : إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله ، ويأمرنا أن نحبه كما أحبت النصارَى عيسى - عليه السلام - فنزل قوله : { قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ } أعرَضوا عنها { فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } لا يَرْضَى فعلَهم ولا يغفر لهم .
والمعنى : إنما أوجب الله عليكم طاعتي ، ومتابعتي - لا كما تقول النصارى في عيسى ، [ بل لكوني رسولاً من عند الله ] {[8]} .
قوله : { فإِن تَوَلَّوْاْ } يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مضارعاً ، والأصل " تَتَوَلُّوْا " فحذف إحدى التاءين كما تقدم ، وعلى هذا ، فالكلام جارٍ على نسق واحدٍ ، وهو الخطاب .
والثاني : أن يكون فعلاً ماضياً مسنداً لضمير غيب ، فيجوز أن يكون من باب الالتفاتِ ، ويكون المراد بالغُيَّبِ المخاطبين في المعنى ، ونظيره قوله تعالى : { حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم } [ يونس : 22 ] .
روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كُلُّ أمتي يدخلونَ الجنة إلا مَنْ أبَى " قالوا : ومن يَأبَى ؟ قال : " مَنْ أطَاعَني دَخَلَ الْجَنَّةَ ، ومَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى " {[9]} .
قال جابر بن عبد الله : " جاء الملائكة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم - وهو نائم - فقال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إن العين نائمة ، والقلب يقظان ، فقالوا : إن لصاحبكم هذا مَثَلاً ، فاضربوا له مَثَلاً ، فقالوا : مثله كمثل رجل بنى داراً ، وجعل فيها مأدُبَةً ، وبعث داعياً ، فمن أجاب الداعي دَخل الدارَ ، وأكل من المأدبةِ ، ومن لم يجب الداعيَ لم يدخل الدارَ ، ولم يأكُلْ من المأدُبَةِ ، فقالوا : أوِّلُوها له بفقهها ، فقال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إن العينَ نائمة والقلب يقظانُ ، قالوا : فالدار الجنة ، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم من أطاع محمداً فقد أطاع الله ، ومن عَصَى محمداً فقد عصى الله ، ومحمد صلى الله عليه وسلم فَرَق بين الناس{[10]} .
روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أراد أن يحبه اللهُ عليه بصدقِ الحديثِ ، وأداء الأمانة وأن لا يؤذِي جاره " {[11]}
وروى مسلم - عن أبي هريرة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ الله إذا أحبَّ عبداً دعا جبريلَ فقال : إنِّي أحِبُّ فلاناً ، فأحبه ، قال : فيحبه جبريلُ ، ثم ينادي في السماء ، فيقول : إن الله يُحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهلُ السّماءِ ، قال : ثم يُوضَع له القبولُ في الأرض ، وإذا أبغض عبداً دعا جبريلَ فيقول : إني أبْغِضُ فلاناً فأبْغِضْهُ ، قال : فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلاناً فأبْغِضُوه ، قال فيبغضونه ، ثم تُوضَع له البَغْضَاءُ في الأرض " {[12]} .
وقال : { فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } ولم يَقُلْ : فإنه لا يحب ؛ لأن العرب إذا عظَّمت الشيءَ أعادت ذِكْرهَ ، أنشد سيبويه [ قول الشاعر ] {[13]} : [ الخفيف ]
لا أرَى الْمَوْتَ يَسْبِقُ الْمَوْتَ شَيْءٌ *** نَغَّصَ الْمَوْتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيرا{[14]}
ويحتمل أن يكون لأجل أنه تقدم ذِكْرُ الله والرسول ، فذكره للتمييز ؛ لَئِلاّ يعودَ الضمير على الأقْرَبِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.