التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

ثم كرر - سبحانه - الأمر لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحض الناس على اتباع ما يسعدهم فقال له : { قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول } .

أى قل لهم يا محمد أطيعوا الله وأطيعوا رسوله في جميع الأوامر والنواهى ، وإن من يدعي أنه مطيع لله دون أن يتبع رسوله فإنه يكون كاذبا في دعواه ، ولذا لم يقل - سبحانه - أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، للإشعار بأن الطاعة واحدة وأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لله تعالى ، كما قال سبحانه : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } ثم ذكر - سبحانه - عاقبة العصاة المعاندين فقال : { فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين } أى : فإن أعرضوا عما تأمرهم به يا محمد ولم يستجيبوا لك واستمروا على كفرهم ، فإنهم لا ينالون محبة الله ، لأنهم كافرون .

ففى هذه الجملة الكريمة دلالة على أن محبة الله لا ينالها إلا من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه - سبحانه - نفى حبه عن الكافرين ، ومتى نفى حبه عنهم فقد أثبت بغضه ، و لأنه عبر عن تركهم اتباع رسوله بالتولي وهو أفحش أنواع الإعراض ، ومن أعرض عن طاعة رسول الله كان بعيداً عن محبة الله .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ساقت للناس من التوجيهات السامية ، والآداب العالية ما من شأنه أن يغرس في النفوس إخلاص العبادة لله ، والخشية من عقابه ، والأمل في ثوابه ، والإكثار من العلم الصالح الذى يؤدى إلى رضا الله ومحبته .