معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

قوله تعالى : { ورأى المجرمون النار } أي : المشركون ، { فظنوا } أيقنوا { أنهم مواقعوها } ، داخلوها وواقعون فيها { ولم يجدوا عنها مصرفاً } معدلاً ، لأنها أحاطت بهم من كل جانب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

ثم بين - سبحانه - حالة المجرمين عندما يبصرون النار فقال : { وَرَأَى المجرمون النار فظنوا أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً } .

ورأى هنا بصرية . والظن بمعنى اليقين والعلم ، لأنهم أبصروا الحقائق ، وشاهدوا واقعهم الأليم مشاهدة لا لبس فيها ولا خفاء .

أى : وشاهد المجرمون بأعينهم النار ، فأيقنوا أنهم مخالطوها وواقعون فيها . بسبب سوء أعمالهم ، وانكشاف الحقائق أمامهم ، ولم يجدوا عنها مصرفا أى مكانا ينصرفون إليه ، ويعتصمون به ليتخذوه ملجأ لهم منها .

فالمصرف : اسم مكان للجهة التى ينصرف إليها الإِنسان للنجاة من ضر أحاط به .

وعبر - سبحانه - عن رؤيتهم للنار بالفعل الماضى ، لتحقق الوقوع .

وقال - سبحانه - { ورأى المجرمون } فوضع المظهر موضع المضمر ، لتسجيل الإِجرام عليهم ، ولزيادة الذم لهم .

وقد ذكر - سبحانه - هنا أن المجرمين يرون النار ، وذكر فى آية أخرى أنها تراهم - أيضا - قال - تعالى - : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

47

ويتطلع المجرمون ، فتمتليء نفوسهم بالخوف والهلع ، وهم يتوقعون في كل لحظة أن يقعوا فيها . وما أشق توقع العذاب وهو حاضر ، وقد أيقنوا أن لا نجاة منها ولا محيص :

( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ، ولم يجدوا عنها مصرفا )

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

وقوله : وَرَأى المُجْرِمُونَ النّارَ يقول : وعاين المشركون النار يومئذٍ فَظَنّوا أنّهُمْ مُوَاقعُوها يقول : فعلموا أنهم داخلوها ، كما :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : فَظَنّوا أنّهُمْ مُوَاقعُوها قال : علموا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن درّاج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدريّ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : «إنّ الكافرَ يَرَى جَهَنّمَ فَيَظُنّ أنّها مُوَاقعَتُهُ مِنْ مَسيرَةِ أرْبَعينَ سَنَةَ » .

وقوله : ولَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفا يقول : ولم يجدوا عن النار التي رأوا معدلاً يعدلون عنها إليه . يقول : لم يجدوا من مواقعتها بدّا ، لأن الله قد حتم عليهم ذلك . ومن المصرف بمعنى المعدل قول أبي كبير الهذليّ :

أزُهَيْرُ هَلْ عَنْ شَيْبَةٍ مِنْ مَصْرِفِ *** أمْ لا خُلُودَ لباذِلٍ مُتَكَلّفِ

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

عطف على جملة { وجعلنا بينهم موبقاً } [ الكهف : 52 ] ، أي جعلنا الموبق ورآه المجرمون ، فذكر المجرمين إظهار في مقام الإضمار للدلالة على ما يفيده المجرمون من تلبسهم بما استحقوا به عذاب النار . وكذلك عُبر ب ( النار ) في مقام الإضمار للموبق للدلالة على أن المَوبق هو النار فهو شبيه بعطف البيان .

والظن مستعمل هنا في معنى التحقق وهو من استعمالاته . ولعل اختياره هنا ضرب من التهكم بهم ؛ بأنهم رجحوا أن تلك النار أعدت لأجلهم في حين أنهم موقنون بذلك .

والمواقعة : مفاعلة من الوقوع ، وهو الحصول لقصد المبالغة ، أي واقعون فيها وقوع الشيء الحاصل في موقع يتطلبه فكأنه يقع هو فيه .

والمصرف : مكان الصرف ، أي التخلص والمجاوزة . وفي الكلام إيجاز ، تقديره : وحاولوا الانقلاب أو الانصراف فلم يجدوا عنها مصرفاً ، أي مخلصاً .