السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

ولما قرر سبحانه وتعالى ما لهم مع شركائهم ذكر حالهم في استمرار جهلهم فقال تعالى : { ورأى المجرمون } أي : العريقون في الإجرام { النار } من مكان بعيد { فظنوا } ظناً { أنهم مواقعوها } أي : مخالطوها في تلك الساعة من غير تأخير ومهلة لشدّة ما يسمعون من تغيظها وزفيرها كما قال تعالى : { إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً } [ الفرقان ، 12 ] فإن مخالطة الشيء لغيره إذا كانت قوية تامّة يقال لها : مواقعة { ولم } أي : والحال أنهم لم { يجدوا عنها مصرفاً } أي : مكاناً ينصرفون إليه لأن الملائكة تسوقهم إليها والموضع موضع التحقق ولكن ظنهم جرياً على عادتهم في الجهل كما قالوا : { اتخذوا اللّه ولداً } بغير علم { وما أظن أن تبيد هذه أبداً } { وما أظن الساعة قائمة } إن نظنّ إلا ظناً وما نحن بمستيقنين مع قيام الأدلة التي لا شك فيها ، وقيل : الظن هنا بمعنى العلم واليقين .