النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

قوله عز وجل : { ورأى المجرمون النّار } يحتمل وجهين :

أحدهما : أنهم عاينوا في المحشر .

الثاني : أنهم علموا بها عند العرض .

{ فظنُّوا أنهم مُواقعوها } فيه وجهان :

أحدهما : أنهم أمّلوا العفو قبل دخولها فلذلك ظنوا أنهم مواقعوها .

الثاني : علموا أنهم مواقعوها لأنهم قد حصلوا في دار اليقين وقد يعبر عن العلم بالظن لأن الظن مقدمة العلم .

{ ولم يجدوا عنها مصرفاً } فيه وجهان :

أحدهما : ملجأ ، قاله الكلبي .

الثاني : معدلاً ينصرفون إليه ، قاله ابن قتيبة ، ومنه قول أبي كبير الهذلي :

أزهير هل عن شيبةٍ من مصرِف *** أم لا خلود لباذل متكلفِ{[1834]}

وفي المراد وجهان :

أحدهما : ولم يجد المشركون عن النار مصرفاً .

الثاني : ولم تجد الأصنام مصرفاً للنار عن المشركين .


[1834]:الهمزة للنداء، وزهير: ترخيم زهيرة اسم امرأة. والاستفهام إنكاري أي لا مفر من الشيب ولا ينتفي خلود الكريم الباذل.