معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

قوله عز وجل :{ فلا أقسم بالشفق } قال مجاهد : هو النهار كله . وقال عكرمة : ما بقي من النهار . وقال ابن عباس وأكثر المفسرين : هو الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس . وقال قوم : هو البياض الذي يعقب تلك الحمرة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

ثم أقسم - سبحانه - ببعض مخلوقاته ، على أن مشيئته نافذة ، وقضاءه لا يرد ، وحكمه لا يتخلف . فقال : { فَلاَ أُقْسِمُ بالشفق . والليل وَمَا وَسَقَ . والقمر إِذَا اتسق . لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } .

والفاء فى قوله { فَلاَ أُقْسِمُ } واقعة فى جواب شرط مقدر ، وهى التى يعبر عنها بالفصيحة ، و " لا " مزيدة لتأكيد القسم ، وجوابه " لتركبن " .

والشفق : الحمرة التى تظهر فى الأفق الغربى بعد غروب الشمس ، وهو ضياء من شعاعها ، وسمى شفقا لرقته ، ومنه الشفقة لرقة القلب .

والوسق : جمع الأشياء ، وضم بعضها إلى بعض . يقال : وسَق الشئَ يسِقُه - كضرب - إذا جمعه فاجتمع ، ومنه قولهم : إبل مستوسقة ، أى : مجتمعة ، وأمر متسق . أى : مجتمع على ما يسر صاحبه ويرضيه .

واتساق القمر : اجتماع ضيائه ونوره ، وهو افتعال من الوسق . وهو الجمع والضم ، وذلك يكون فى الليلة الرابعة عشرة من الشهر .

أى : أقسم بالحمرة التى تظهر فى الأفق العربى ، بعد غروب الشمس ، وبالليل وما يضمه تحت جناحه من مخلوقات وعجائب لا يعلمها إلا الله - تعالى - وبالقمر إذا ما اجتمع نوره ، وأكتمل ضاؤه ، وصار بدرا متلألئاً .

وفى القسم بهذه الأشياء ، دليل واضح على قدرة الله - تعالى - الباهرة ، لأن هذه الأشياء تتغير من حال إلى حال ، ومن هيئة إلى هيئة . . فالشفق حالة تأتى فى أعقاب غروب الشمس ، والليل يأتى بعد النهار ، والقمر يكتمل بعد نقصان . . وكل هذه الحالات الطارئة ، دلائل على قدرة الله - تعالى - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

ومن هذه الجولة الكبيرة العميقة الأثر بمشاهدها ولمساتها الكثيرة ، يعود السياق بهم إلى لمحات من هذا الكون الذي يعيشون فيه حياتهم ، وهم غافلون عما تشي به هذه اللمحات من التدبير والتقدير ، الذي يشملهم كذلك ، ويقدر بإحكام ما يتوارد عليهم من أحوال :

( فلا أقسم بالشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق . . لتركبن طبقا عن طبق ) . .

وهذه اللمحات الكونية التي يلوح بالقسم بها ، لتوجيه القلب البشري إليها ، وتلقي إيحاءاتها وإيقاعاتها . . لمحات ذات طابع خاص . طابع يجمع بين الخشوع الساكن ، والجلال المرهوب . وهي تتفق في ظلالها مع ظلال مطلع السورة ومشاهدها بصفة عامة .

فالشفق هو الوقت الخاشع المرهوب بعد الغروب . . وبعد الغروب تأخذ النفس روعة ساكنة عميقة . ويحس القلب بمعنى الوداع وما فيه من أسى صامت وشجى عميق . كما يحس برهبة الليل القادم ، ووحشة الظلام الزاحف . ويلفه في النهاية خشوع وخوف خفي وسكون !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِالشّفَقِ * وَاللّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتّسَقَ * لَتَرْكَبُنّ طَبَقاً عَن طَبقٍ * فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } .

وهذا قَسَم أقسم ربنا بالشفق ، والشفق : الحمرة في الأفق من ناحية المغرب من الشمس في قول بعضهم .

واختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : هو الحمرة كما قلنا ، وممن قال ذلك جماعة من أهل العراق . وقال آخرون : هو النهار . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا العوّام بن حَوْشَب ، قال : قلت لمجاهد : الشفق ، قال : لا تقل الشفق ، إنّ الشفق من الشمس ، ولكن قل : حمرة الأفق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : الشّفق ، قال : النهار كله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد فَلا أُقْسِمُ بالشّفَقِ قال : النهار .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : الشفَق : هو اسم للحمرة والبياض ، وقالوا : هو من الأضداد .

والصواب من القول في ذلك عندي : أن يقال : إن الله أقسم بالنهار مدبرا ، والليل مقبلاً . وأما الشفَق الذي تحُلّ به صلاة العشاء ، فإنه للحمرة عندنا ، للعلة التي قد بيّنّاها في كتابنا كتاب الصلاة .