تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

الآية 16 : وقوله تعالى : { فلا أقسم بالشفق } فمنهم من حمل قوله : { فلا } على دفع منازعة ، وقعت في ما بين القوم على ما نذكر في سورة { لا أقسم }{[23374]} إن شاء الله . والقسم قوله عز وجل : { أقسم } ومنهم من جعل لا بحق الصلة .

فإن كان على الوجه الأول لم يجز حذف لا من الكلام ، بل حقه أن يقرأ { فلا أقسم } .

وإن كان بحق الصلة استقام في حذفه كما قرأ بعض القراء : فلأقسم بالشفق . [ ثم الشفق يحتمل وجهين :

أحدهما : أنه ]{[23375]} أثر النهار . فجائز أن يكون القسم واقعا على النهار كله ، وإن كان ذكر طرفا منه .

والثاني : أن الشفق يجتمع فيه أثر النهار ، وهو النور الذي فيه أثر الشمس ، وهي الحمرة التي تكون فيه ، فيكون القسم واقعا على النهار بما فيه كما كان واقعا على الليل بما فيه لقوله : { والليل وما وسق } فتكون فيه حجة لقول أبي حنيفة رضي الله عنه : إن وقت العشاء لا يدخل حتى يغيب الشفق ، لأن وقتها يدخل بغيبوبة الشفق ، والشفق وجدناه مشتملا على البياض والحمرة ، فما لم تتم الغيبوبة لم يهجم وقتها .

ألا ترى أن الصلاة التي تلي الغروب لا يدخل وقتها حتى يتم غروب الشمس ؟ فعلى ذلك الصلاة التي تلي غروب{[23376]} الشفق ، لا يدخل وقتها حتى تتم الغيبوبة


[23374]:هي سورة البلد. انظر معجم القراءات القرآنية ج8/151.
[23375]:في الأصل: هو، في م: ثم الشفق هو.
[23376]:في الأصل وم: الغروب.