قوله تعالى : " فلا أقسم " أي فأقسم و " لا " صلة . " بالشفق " أي بالحمرة التي تكون عند مغيب الشمس حتى تأتي صلاة العشاء الآخرة . قال أشهب وعبد الله بن الحكم ويحيى بن يحيى وغيرهم ، كثير عددهم عن مالك : الشفق الحمرة التي في المغرب ، فإذا ذهبت الحمرة فقد خرجت من وقت المغرب ووجبت صلاة العشاء . وروى ابن وهب قال : أخبرني غير واحد عن علي ابن أبي طالب ومعاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبي هريرة : أن الشفق الحمرة ، وبه قال مالك بن أنس . وذكر غير ابن وهب من الصحابة : عمر وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأنسا وأبا قتادة وجابر بن عبد الله وابن الزبير ، ومن التابعين : سعيد بن جبير ، وابن المسيب وطاوس ، وعبد الله بن دينار ، والزهري ، وقال به من الفقهاء الأوزاعي ومالك والشافعي وأبو يوسف وأبو ثور وأبو عبيدة وأحمد وإسحاق وقيل : هو البياض . روي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة أيضا وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وأبي حنيفة في إحدى الروايتين عنه . وروى أسد بن عمرو أنه رجع عنه . وروي عن ابن عمر أيضا أنه البياض والاختيار الأول ؛ لأن أكثر الصحابة والتابعين والفقهاء عليه ، ولأن شواهد كلام العرب والاشتقاق والسنة تشهد له . قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول لثوب عليه مصبوغ : كأنه الشفق وكان أحمر ، فهذا شاهد للحمرة . وقال الشاعر :
قم يا غلام أعِنِّي غير مرتبكٍ *** على الزمان بكأس حَشْوُهَا شَفَقُ
ويقال للمَغْرة الشفق . وفي الصحاح : الشفق بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة . قال الخليل : الشفق : الحمرة ، من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة ، إذا ذهب قيل : غاب الشفق . ثم قيل : أصل الكلمة من رقة الشيء . يقال : شيء شفق أي لا تماسك له لرقته ، وأشفق عليه . أي رق قلبه عليه ، والشفقة : الاسم من الإشفاق ، وهو رقة القلب ، وكذلك الشفق . قال الشاعر{[15873]} :
تهوَى حياتِي وأهْوَى موتَهَا شَفَقًا *** والموتُ أكرم نَزَّالٍ على الحُرَمِ
فالشفق : بقية ضوء الشمس وحمرتها فكأن تلك الرقة عن ضوء الشمس . وزعم الحكماء أن البياض لا يغيب أصلا . وقال الخليل : صعدت منارة الإسكندرية فرمقت البياض ، فرأيته يتردد من أفق إلى أفق ولم أره يغيب . وقال ابن أبي أويس : رأيته يتمادى إلى طلوع الفجر . قال علماؤنا : فلما لم يتحدد وقته سقط اعتباره . وفي سنن أبي داود عن النعمان بن بشير قال : أنا أعلمكم بوقت صلاة العشاء الآخرة . كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر الثالثة . وهذا تحديد ، ثم الحكم معلق بأول الاسم . لا يقال : فينقض عليكم بالفجر الأول ، فإنا نقول الفجر الأول لا يتعلق به حكم من صلاة ولا إمساك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين الفجر بقوله وفعله فقال : " وليس الفجر أن تقول هكذا - فرفع يده إلى فوق - ولكن الفجر أن تقول هكذا وبسطها " وقد مضى بيانه في آية الصيام من سورة " البقرة " {[15874]} ، فلا معنى للإعادة . وقال مجاهد : الشفق : النهار كله ألا تراه قال " والليل وما وسق " وقال عكرمة : ما بقي من النهار . والشفق أيضا : الرديء من الأشياء . يقال : عطاء مشفق أي مقلل قال الكميت :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.