معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

{ قد أفلح من زكاها } وهذا موضع القسم ، أي فازت وسعدت نفس زكاها الله ، أي أصلحها وطهرها من الذنوب ووفقها للطاعة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

وقوله - سبحانه - : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } يصح أن يكون جوابا للقسم . والفلاح : الظفر بالمطلوب .

والتزكية : التزود من الخير والطاعة ، والحرص على تطهير النفس من كل سوء ، وقوله : { دَسَّاهَا } أى : نقصها وأخفاها بالمعاصى والآثام . وأصل فعل دسَّى : دسَّسَ ، فلما اجتمع ثلاث سينات ، قلبت الثالثة ياء ، يقال : دس فلان الشئ إذا أخفاه وكتمه .

والمعنى : وحق الشمس وضحاها ، وحق القمر إذا تلاها ، وحق النفس وحق من سواها ، وجعلها متمكنة من معرفة الخير والشر . لقد أفلح وفاز وظفر بالمطلوب ، ونجا من المكروه ، من طهر نفسه من الذنوب والمعاصى . وقد خاب وخسر نفسه . وأوقعها فى التهلكة ، من نَقَصها وأخفاها وأخملها وحال بينها وبين فعل اليخر بسبب ارتكاب الموبقات والشرور .

قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله - تعالى - : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } جواب القسم . وإليه ذهب الزجاج وغيره . والأصل : لقد أفلح ، فحذفت اللام لطول الكلام المقتضى للتخفيف . وفاعل من " زكاها " ضمير " مَنْ " والضمير المنصوب للنفس . .

ويرى المحققون من العلماء أن جواب القسم محذوف ، للعلم به ، فكأنه - سبحانه - قد قال : وحق الشمس وضحاها ، وحق القمر إذا تلاها . . ليقعن البعث والحساب والجزاء ، أو لتحاسبن على أعمالكم ، ودليل هذا الجواب قوله - تعالى - بعد ذلك : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } لأن هذه الآية الكريمة وما بعدها ، تدل على أن الله - تعالى - قد اقتضت سنته ، أن يحاسب من فسق عن أمره ، وأصر على تكذيب رسله .

وعلى هذا سار صاحب الكشاف ، فقد قال : فإن قلت : فأين جواب القسم ؟ قلت : هو محذوف ، تقديره : ليُدَمْدِ مَنَّ الله عليهم ، أى : على مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما دمدم على قبيلة ثمود لأنهم كذبوا صالحا - عليه السلام - وأما قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } فكلام تابع لقوله : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم فى شئ . .

وقد أقسم الله - تعالى - بهذه الكائنات المختلفة ، والتى لها مالها من المنافع بالنسبة للإِنسان وغيره ، لتأكيد وحدانيته ، وكمال قدرته ، وبليغ حكمته .

وبدأ - سبحانه - بالشمس ، لأنها أعظم هذه الكائنات ، وللتنويه بشأن الإِسلام ، وأن هديه كضياء الشمس ، الذى لا يترك للظلام أثرا .

وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات بعض الأحاديث ، منها ما رواه الطبرانى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهذه الآية : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } وقف ثم قال : " اللهم آت نفسى تقواها أنت وليها ومولاها . وخير من زكاها " وعن أبى هريرة رضى الله عنه . قال : " سمعت النبى يقرأ { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } قال : " اللهم آت نفسى تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، وليها ومولاها " " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

7

وهناك إلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان . هي التي تناط بها التبعة . فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعداد الخير فيها ، وتغليبه على استعداد الشر . . فقد أفلح .