معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

قوله تعالى : { اذهب أنت وأخوك بآياتي } بدلالاتي ، وقال ابن عباس يعني : الآيات التسع التي بعث بها موسى { ولا تنيا } ولا تضعفا ، وقال السدي : لا تفترا . وقال محمد بن كعب : لا تقصرا . { في ذكري* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

وبعد أن ذكر - سبحانه - بعض المنن التى امتن بها على نبيه موسى - عليه السلام - أتبع ذلك بذكر بعض التوجيهات التى أمره بفعلها ، حيث كلفه بتبليغ الدعوة إلى فرعون ، فقال - تعالى - : { اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ . . . } .

وقوله - سبحانه - { وَلاَ تَنِيَا } فعل مضارع مصدره الونى - بفتح الواو وسكون النون - بمعنى الضعف والفتور والتراخى فى الأمر .

يقال : ونى فلان فى الأمر ينى ونيا - كوعد يعد وعدا - إذا ضعف وتراخى فى فعله .

وقوله : { أَخُوكَ } فاعل لفعل محذوف . أى : وليذهب معك أخوك .

والمراد بالآيات : المعجزات الدالة على صدق موسى - عليه السلام - ، ولعى رأسها عصاه التى ألقاها فإذا هى حية تسعى ، ويده التى ضمها إلى جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء .

والمعنى : اذهب يا موسى أنت وأخوك إلى حيث آمركما متسلحين بآياتى ومعجزاتى ، ولا تضعفا أو تتراخيا فى ذكرى وتسبيحى وتقديسى بما يليق بذاتى وصفاتى من العبادات والقربات . فإن ذكركما لى هو عدتكما وسلاحكما وسندكما فى كل أمر تقدمان عليه .

فالآية الكريمة تدعو موسى وهارون ، كما تدعو كل مسلم فى كل زمان ومكان إلى المداومة على ذكر الله - تعالى - فى كل موطن ، بقوة لا ضعف معها وبعزيمة صادقة لا فتور فيها ولا كلال .

وقد مدح - سبحانه - المداومين على تسبيحه وتحميده وتقديسه فى كل أحوالهم فقال : { إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِمْ } قال صاحب الكشاف : قوله { وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } أنهما لا يفتران فى ذكر الله ، بل يذكران الله فى حال مواجهة فرعون ، ليكون ذكر الله عونا لهما عليه ، وقوة لهما . وسلطانا كاسرا له ، كما جاء فى الحديث " إن عبدى كل عبدى الذى يذكرنى وهو مناجز قرنه " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

اذْهَبْ أنْتَ وأخُوكَ هارون بِآياتي يقول : بأدلتي وحججي ، اذهبا إلى فرعون بها إنه تمرّد في ضلاله وغيه ، فأبلغه رسالاتي " وَلا تَنِيا فِي ذِكْري " يقول : ولا تضعفا في أن تذكراني فيما أمرتكما ونهيتكما ، فإن ذكركما إيّاي يقوّي عزائمكما ، ويثبت أقدامكما ، لأنكما إذا ذكرتماني ، ذكرتما مَنّي عليكما نِعَما جمّة ، ومِنَنا لا تحصى كثرة . يقال منه : وَنى فلان في هذا الأمر ، وعن هذا الأمر : إذا ضعف ، وهو يَنِي وَنْيا كما قال العجاج :

فَمَا وَنى مُحَمّدٌ مُذْ أنْ غَفَرْ *** لَهُ الإلهُ ما مَضَى وَما غَبَرْ

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : " وَلا تَنِيا " يقول : لا تبطئا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي " يقول : ولا تضعفا في ذكري .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي " قال : لا تضعفا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد " تَنيا " : تضعفا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : " وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي " يقول : لا تضعفا في ذكري .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : " وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي " قال : لا تضعفا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا مُعاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي " يقول : لا تضعفا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي " قال : الواني : هو الغافل المفرط ، ذلك الواني .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

أمر الله تعالى موسى وهارون في هذه الآية بالنفوذ إلى دعوة فرعون وخاطب موسى وحده تشريفاً له ويحتمل أن هارون أوحي إليه مع ملك أن ينفذ ، و { بآياتي } معناه بعلاماتي التي أعطيتكموها من معجزة وآية ووحي وأمر ونهي كالتوراة ، و { تنيا } معناه تضعفا وتبطياً ، تقول : وَنَا فلان في أمر كذا إذا تباطأ فيه عن ضعف ومنه قول الشاعر : [ المضارع ]

فما أنا بالواني . . . ولا الضرع الغمر{[8110]}

والونى الكلال والفتور والفشل في البهائم والإنس ، وفي مصحف ابن مسعود «ولا تهنا في ذكري » معناه ولا تلينا من قولك هين لين .


[8110]:هذا عجز بيت، والبيت بتمامه في اللسان (ضرع)، وهو غير منسوب، قال: الضرع هو الغمر الضعيف من الرجال، وقال الشاعر: أناة وحلما وانتظارا بهم إذا فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر ورجل ضارع: بين الضروع والضراعة: ناحل ضعيف". والغمر: الذي لم يجرب الأمور ولا خبرة له بجرب ولا أمر ولم تحنكه التجارب. والشاهد في البيت هو أن الواني بمعنى الضعيف المتباطئ في الأمر بسبب ضعفه وعجزه.