الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"اذْهَبْ أنْتَ وأخُوكَ" هارون "بِآياتي" يقول: بأدلتي وحججي، اذهبا إلى فرعون بها إنه تمرّد في ضلاله وغيه، فأبلغاه رسالاتي.

"وَلا تَنِيا فِي ذِكْري" يقول: ولا تضعفا في أن تذكراني فيما أمرتكما ونهيتكما، فإن ذكركما إيّاي يقوّي عزائمكما ويثبت أقدامكما، لأنكما إذا ذكرتماني، ذكرتما مَنّي عليكما نِعَما جمّة ومِنَنا لا تحصى كثرة. يقال منه: وَنى فلان في هذا الأمر، وعن هذا الأمر: إذا ضعف... عن ابن عباس، قوله: "وَلا تَنِيا" يقول: لا تبطئا...

قال ابن زيد في قوله: "وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي" قال: الواني: هو الغافل المفرط، ذلك الواني.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قوله تعالى: {ولا تنيا في ذكري} أي لا تضعفا في الدعاء إلى ديني وتوحيدي... في البلاغ إلى فرعون {إنه طغى}؛ أمرهما ألا يقصرا، ولا يعجزا في تبليغ الرسالة إليه والدعاء إلى دينه حين قال: {اذهبا إلى فرعون أنه طغى} {فقولا له قولا لينا} [طه: 43 و44].

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

... "ولا تنيا "أي: لا تفترا، يقال: ونى في الأمر... إذا فتر فيه، فهو وان ومتوان.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الونى. الفتور والتقصير. وقرئ «تنيا» بكسر حرف المضارعة للاتباع، أي: لا تنسياني ولا أزال منكما على ذكر حيثما تقلبتما، واتخذا ذكري جناحاً تطيران به مستمدين بذلك العون والتأييد مني، معتقدين أن أَمراً من الأمور لا يتمشى لأحد إلا بذكري. ويجوز أن يريد بالذكر تبليغ الرسالة، فإن الذكر يقع على سائر العبادات، وتبليغ الرسالة من أجلِّها وأعظمها، فكان جديراً بأن يطلق عليه اسم الذكر.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{اذهب أنت وأخوك بآياتي}...الباء ههنا بمعنى مع وذلك لأنهما لو ذهبا إليه بدون آية معهما لم يلزمه الإيمان وذلك من أقوى الدلائل على فساد التقليد...

اختلفوا في الآيات المذكورة ههنا على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها اليد والعصا لأنهما اللذان جرى ذكرهما في هذا الموضع وفي سائر المواضع التي اقتص الله تعالى فيها حديث موسى عليه السلام...

القول الثاني: أن قوله: {اذهبا بآياتي} معناه أني أمدكما بآياتي وأظهر على أيديكما من الآيات ما تزاح به العلل من فرعون وقومه فاذهبا فإن آياتي معكما...

القول الثالث: أن الله تعالى آتاه العصا واليد وحل عقدة لسانه وذلك أيضا معجز فكانت الآيات ثلاثة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فلما تمهد ذلك كله بعد علم نتيجته، أعادها في قوله: {اذهب أنت} كما تقدم أمري لك به {وأخوك} كما سألت {بآياتي} التي أريتك وغيرها مما أظهره على يديك {ولا تنيا} أي تفترا وتضعفا {في ذكري} الذي تقدم أنك جعلته غاية دعائك، بل لتكن -مع كونه ظرفاً محيطاً بجميع أمرك- في غاية الاجتهاد فيه وإحضار القلب له، وليكن أكثر ما يكون عند لقاء فرعون أن عبدي كل عبدي للذي يذكرني عند لقاء قرنه، فإن ذلك أعون شيء على المراد.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

"ولا تنيا في ذكري" فهو عدتكما وسلاحكما وسندكما الذي تأويان منه إلى ركن شديد..

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

ومعنى: {في ذكري} أي: لأكن دائما على بالكما، فأنا الذي أرسلت، وأنا الذي أيدت بالمعجزات، وأنا الذي أرعاكما وأرقبكما، وأنا الذي سأجازيكما فلا يغب ذلك عنكما.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وجاء التكليف الإلهي المباشر لموسى وهارون بالتحرك من أجل حمل الرسالة بشكل حاسم إلى فرعون، لدعوته إلى الإيمان بالله والالتزام بأوامره ونواهيه... وكان النداء الأول موجهاً إلى موسى باعتباره النبي الأصيل، بينما كان هارون نبياً في موقع الوزارة له...

"ولا تنيا في ذكري": لا يعتريكما الفتور والوهن في ذكري، في ما يمثله ذكر الله من الدعوة إلى الإيمان في خط الصراط المستقيم الذي يقود عباده المؤمنين إليه، وفي ما يوحيه في وعيهما الفكري والروحي، ليستمدا منه القوة على مواصلة الجهد، وتحمّل الصعوبات، وليراقباه في كل موقف من مواقف المسيرة التي تدفع للقلق وللاهتزاز في مواقع الزلزال النفسي والعملي. وهذا هو ما يحتاجه كل داعية في مسيرة الدعوة إلى الله، على مستوى الجهاد الفكري، أو على صعيد الجهاد العملي الحركي، وذلك بأن ينفتح على الله في عمق فكره وشعوره، ليبقى مرتبطاً بالهدف الذي يتحرك نحوه وهو رضا الله، لأن الاستغراق في العمل الحركي قد يجعل الإنسان مشدوداً إليه بحيث ينسى الغاية في حركة الوسيلة، وربما انحرف عن بعض خصوصيات المسؤوليات الشرعية في الممارسات العملية في نظرته الذاتية إلى طبيعة العمل والعلاقات...