الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

قوله تعالى : " اذهب أنت وأخوك بآياتي " قال ابن عباس يريد التسع الآيات التي أنزلت عليه . " ولا تنيا في ذكري " قال ابن عباس : تضعفا أي في أمر الرسالة ، وقاله قتادة . وقيل : تفترا . قال الشاعر{[11073]} :

فما وَنَى محمدٌ مذ أن غَفَر*** له الإله ما مضى وما غَبَر

والونى : الضعف والفتور والكلال والإعياء . وقال امرؤ القيس :

مِسَح إذا ما السابحات على الونَى *** أثرنَ غبارا بالكَدِيدِ المُرَكَّلِ{[11074]}

ويقال : ونيت في الأمر أني ونى ونيا أي ضعفت فأنا وان وناقة وانية وأونيتها أنا أضعفتها وأتعبتها : وفلان لا يني كذا ، أي لا يزال ، وبه فسر أبان معنى الآية واستشهد بقول طرفة :

كأن القدورَ الراسياتِ أمامَهُم *** قبابٌ بنوهَا لا تَنِي أبداً تَغْلِي

وعن ابن عباس أيضا : لا تبطئا . وفي قراءة ابن مسعود " ولا تهنا في ذكري " وتحميدي وتمجيدي وتبليغ رسالتي .


[11073]:هو العجاج.
[11074]:مسح معناه يصب الجري صبا. والسابحات اللاتي عدوهن سباحة ، والسباحة في الجري بسط الأيدي. والكديد: الموضع الغليظ. والمركل: الذي يركل بالأيدي. ومعنى البيت: أن الخيل السريعة إذا فترت فأثارت الغبار بأرجلها من التعب، جرى هذا الفرس جريا مهلا.