{ لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً وَاحِداً وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً } . أى : اتركوا اليوم طلب الهلاك الواحد . واطلبوا هلاكا كثيرا لا غاية لكثرته ، ولا منتهى لنهايته .
قال صاحب الكشاف : قوله : { وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً } أى : أنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا ، وإنما هو ثبور كثير ، إما لأن العذاب أنواع وألوان كل نوع منها ثبور لشدته وفطاعته ، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلوا غيرها ، فلا غاية لهلاكهم .
وقوله : لا تَدْعُوا اليَوْمَ أيها المشركون ندما واحدا : أي مرّة واحدة ، ولكن ادعوا ذلك كثيرا . وإنما قيل : لا تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُورا وَاحِدا لأن الثبور مصدر ، والمصادر لا تجمع ، وإنما توصف بامتداد وقتها وكثرتها ، كما يقال : قعد قعودا طويلاً ، وأكل أكلاً كثيرا .
حدثنا محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال : حدثنا عليّ بن زيد ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أوّلُ مَنْ يُكْسَى حُلّةً مِنَ النّارِ إبْلِيسُ ، فَيَضَعُها عَلى حاجِبَيْهِ ، وَيَسْحَبُها مِنْ خَلْفِهِ ، وَذُرّيّتُهُ مِنْ خَلْفِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يا ثُبُورَاه وَهُمْ يُنادُونَ : يا ثُبُورَهُمْ حتى يَقِفُوا عَلى النّارِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يا ثُبُورَاهُ وَهُمْ يُنادُونَ : يا ثُبُورَهُمْ فَيُقالُ : لا تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُورا وَاحدا وَادْعُوا ثُبُورا كَثِيرا » .
وقوله { ثبوراً } مصدر وليس بالمدعو ، ومفعول { دعوا } محذوف تقديره دعوا من لا يجيبهم أو نحو هذا من التقديرات ، ويصح أن يكون » الثبور «هو المدعو كما تدعى الحسرة والويل ، والثبور قال ابن عباس هو الويل ، وقال الضحاك هو الهلاك ومنه قول ابن الزبعرى : [ الخفيف ]
إذ أجاري الشيطان في سنن الغ . . . ي ومن مال ميله مثبور{[8790]}
وقوله { لا تدعوا } إلى آخر الآية معناه يقال لهم على معنى التوبيخ والإعلام بأنهم يخلدون أي لا تقتصروا على حزن واحد بل احزنوا كثيراً لأنكم أهل لذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.