فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَّا تَدۡعُواْ ٱلۡيَوۡمَ ثُبُورٗا وَٰحِدٗا وَٱدۡعُواْ ثُبُورٗا كَثِيرٗا} (14)

{ لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً واحدا } أي فيقال لهم هذه المقالة ، والقائل لهم هم الملائكة : أي اتركوا دعاء ثبور واحد ، فإن ما أنتم فيه من الهلاك أكبر من ذلك وأعظم ، كذا قال الزجاج { وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً } والثبور مصدر يقع على القليل والكثير ، فلهذا لم يجمع ، ومثله ضربته ضرباً كثيراً ، وقعد قعوداً طويلاً ، فالكثرة ها هنا هي بحسب كثرة الدعاء المتعلق به ، لا بحسب كثرته في نفسه ، فإنه شيء واحد ، والمعنى : لا تدعوا على أنفسكم بالثبور دعاء واحداً ، وادعوه أدعية كثيرة ، فإن ما أنتم فيه من العذاب أشدّ من ذلك لطول مدّته ، وعدم تناهيه ، وقيل هذا تمثيل وتصوير لحالهم بحال من يقال له ذلك من غير أن يكون هناك قول ، وقيل إن المعنى إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحداً بل هو ثبور كثير ، لأن العذاب أنواع ، والأولى أن المراد بهذا الجواب عليهم ، الدلالة على خلود عذابهم ، وإقناطهم عن حصول ما يتمنونه من الهلاك المنجي لهم مما هم فيه .

/خ16