{ لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً واحدا } على تقدير قول إمَّا منصوبٌ على أنَّه حالٌ من فاعلِ دَعَوا أي دَعَوه مقُولاً لهم ذلك حقيقة بأنْ يخاطبهم الملائكةُ به لتنبيههم على خلودِ عذابِهم وأنَّهم لا يُجابون إلى ما يَدْعُونه ولا ينالون ما يتمنَّونه من الهلاكِ المنجِّي ، أو تمثيلاً وتصويراً لحالهم بحال مَن يُقال له ذلك من غير أنْ يكونَ هناك قولٌ ولا خطابٌ أي دَعَوه حالَ كونِهم أحِقَّاءَ بأنْ يُقال لهم ذلك . وإمَّا مُستأنفٌ وقع جواباً عن سؤال ينسحبُ عليه الكلامُ كأنَّه قيل : فماذَا يكونُ عند دُعائِهم المذكورِ فقيل يُقال لهم ذلك إقناطاً مَّما علَّقوا به أطماعَهم من الهلاك وتنبيهاً على أنَّ عذابهم الملجئ لهم إلى استدعاء الهلاكِ بالمَّرةِ أبديٌّ لا خلاصَ لهم منه أيْ لا تقتصِرُوا على دُعاء ثبورٍ واحدٍ { وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً } أي بحسب كثرة الدُّعاء المتعلِّق به لا بحسب كثرتِه في نفسِه فإنَّ ما يدعونَه ثبورٌ واحدٌ في حدِّ ذاته لكنه كلَّما تعلَّق به دعاءٌ من تلك الأدعية الكثيرةِ صارَ كأنَّه ثبورٌ مغايرٌ لما تعلَّق به دعاءٌ آخرُ منها وتحقيقُه لا تدعُوه دُعاءً واحداً وادعُوه أدعيةً كثيرةً فإنَّ ما أنتُم فيه من العذابِ لغايةِ شدَّتِه وطولِ مُدَّتِه مستوجبٌ لتكرير الدُّعاءِ في كلِّ آنٍ وهذا أدلُّ على فظاعة العذابِ وهوله جعل تعدد الدُّعاءِ وتجدده لتعدد العذاب بتعدد أنواعه وألوانِه أو لتعدُّدِه بتجدُّدِ الجلودِ كما لا يَخْفى . وأمَّا ما قيل : مِن أنَّ المعنى إنَّكم وقعتُم فيما ليس ثبورُكم فيه واحداً إنَّما هو ثبورٌ كثيرٌ ، إمَّا لأنَّ العذابَ أنواعٌ وألوانٌ كلُّ نوعٍ منها ثبورٌ لشدَّتِه وفظاعتِه أو لأنَّهم كلمَّا نضجتْ جلودُهم بُدِّلوا غيرَها فلا غاية لهلاكِهم فلا يلائم المقامَ كيف لا وهُم إنَّما يدعُون هَلاَكاً ينهي عذابَهم ويُنجيِّهم منه فلا بُدَّ أنْ يكونَ الجوابُ إقناطاً لهم من ذلك ببيانِ استحالتِه ودوام ما يوجبُ استدعاءَه من العذاب الشَّديدِ ، وتقييدُ النَّهي والأمر باليوم لمزيد التَّهويل والتَّفظيعِ والتَّنبيهِ على أنَّه ليس كسائر الأيَّامِ المعهُودةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.