ثم بين - سبحانه - أن أقوالهم هذه لا تستند إلى دليل أو ما يشبه الدليل ، وإنما هم يهرفون بما لا يعرفون ، فقال - تعالى - : { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } .
أى : أن هؤلاء الذين قالوا ما قالوا من باطل وزور ، لم نأتهم بكتب يدرسونها ويقرءونها ليعرفوا منها أن الشرك حق ، فيكون لهم عذرهم فى التمسك به ، وكذلك لم نرسل إليهم قبلك - أيها الرسول الكريم - نذيرا يدعوهم إلى عابدة الأصنام ، ويخوفوهم من ترك عبادتها .
وما دام الأمر كذلك ، فمن أين أتوا بهذا التصميم على شركهم ، وبهذا الإِنكار للحق الذى جاءهم ؟ إن أمرهم هذا لهو فى غاية الغرابة والعجب .
فالمقصود من الآية الكريمة تجهيلهم والتهكم بهم ، ونفى أن يكون عندهم حتى ما يشبه الدليل على صحة ما فيه من شرك .
وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } وقوله - عز وجل - : { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نّذِيرٍ * وَكَذّبَ الّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ فَكَذّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } .
يقول تعالى ذكره : وما أنزلنا على المشركين القائلين لمحمد صلى الله عليه وسلم لما جاءهم بآياتنا : هذا سحر مبين بما يقولون من ذلك كتبا يدرسونها : يقول : يقرؤونها ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَما ءاتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها : أي يقرؤونها .
وَما أرْسَلْنا إلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ يقول : وما أرسلنا إلى هؤلاء المشركين من قومك يا محمد فيما يقولون ويعملون قبلك من نبيّ ينذرهم بأسنا عليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما أرْسَلْنا إلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ما أنزل الله على العرب كتابا قبل القرآن ، ولا بعث إليهم نبيا قبل محمد صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.